هنا وهناك
كنـّا صغاراً عندما شاهدنا الفنان نهاد قلعي رحمه الله على شاشة التلفاز وهو يقول :
( إذا أردنا أن نعرف ماذا يجري في إيطاليا فعلينا أن نعرف ماذا يجري في البرازيل ) وكانت تظهر لنا هذه الجملة وقـتئذٍ وكأنها نكتة خفيفة ليس إلا ، ولكننا اليوم نرى أنّ هذه النكتة باتت تعبّر عن فكرة بالغة التعقيد تطبّق في منطقتنا العربية إذ أنّ الأحداث الجسام التي مرّت بها البلاد العربية منذ عقود وإلى الآن تجعلك تسأل نفسك : لماذا كنت أنظر إلى الأمام والحدث الأهم كان يجري خلفي ! .
تفجيرات الإسكندرية المجهولة السبب والغاية والهدف من توقيت الحدوث، والمظاهرات في شوارع الجزائر والأردن، والتأزّم السياسي القديم الجديد في لبنان ، وأخيراً الأحداث الدامية في تونس والثورة الشعبية العارمة، كلّ هذه الأحداث على عظمها وأهميتها نراها تعمي عن الحدث الأهم والخطب الجلل الذي يجري بهدوء دون اعتراض أو إدانة أو حتى تفكير، وهو تقسيم السودان .
إنّ تجربة تقسيم السودان المزمع تطبيقها بنتيجة الاستفتاء بالغة الخطورة ، خاصّة إذا كان هنالك نية لتطبيقها وتعميمها على بلدان مجاورة أو حالات مشابهة ، فدولنا العربية تحتوي نسيجاً من مستويات مختلفة اجتماعية أو عرقية أو دينية ، وما حال اقتراح كومفدرالية العراق منا ببعيد ..
إنّ العاقل هو من يمحّص خلفه عندما تحدث خطوب طارئة أمامه، وإنّ إسرائيل والإمبريالية العالمية بارعة في الإلهاء بأحداث مضللة لتمرير مخطط معيّن أو عملية محدّدة والتاريخ مليء بالأمثلة على ذلك .
إنّ انفجار الإسكندرية هزّ الشارع العربي لما يشكله من عمل جبان ودنيء ومدان وفق كل التشريعات وخاصّة الإسلامية منها، وقد تناقـلت وسائل الإعلام الغربية أن العمل ليس ببعيد عن الإسلاميين ( المتطرفين ) ، ونحن نرى أنّ هذه المسرحية ( المفضوحة ) ما هي إلا همسة في أذن كلّ مسيحي في جنوب السودان بأنّ العيش مع المسلمين أمر صعب ومحفوف بالمخاطر وأنّ الانفصال هو الحلّ والهدف، وفي هذا الكثير من الافتراء والكذب .
ونحن في حزب الإصلاح الديمقراطي الوحدوي في سورية إذ ندين بأقصى عبارات الإدانة اعتداء الإسكندرية الجبان فإننا نحذر أيضاً مما يحيق بالأمة العربية من أخطار التفرقة والتقسيم ، ونقولها على طريقة نهاد قلعي :
إذا أردنا أن نعرف ماذا حصل في الإسكندرية فعلينا أن نعرف ماذا يحصل في جوبا ... وإنا لله وإنا إليه راجعون .
حزب الإصلاح الديمقراطي الوحدوي
في ســورية
المكتب السياسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق