زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية رحل إلى خارج البلاد وفوّض الوزير الأول محمد الغنوشي لرئاسة الدولة لحين عودته ، وهي عملية يظنّ أنها غير دستورية ومحاولة يائسة لاستيعاب الأمور وتهدئة الانتفاضة الشعبية في تونس ، فقد فوّض الغنوشي نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد ومن ثمّ البزاع محاولة لإيقاف الغضب الشعبي، مستندين إلى مواد الدستور التونسي ، ومتناسين أن الأمر تمّ من خلال انتفاضة شعبية بهدف إزالة النظام والدستور الذي يعتمد عليه النظام ، فكيف تعتمد المعارضة على الدستور ؟؟؟ وهذا خطأ خطير وقعت فيه المعارضة بكل أطيافها ، لأنّ أول أهداف إسقاط أي نظام هو إنهاء العمل بالدستور حتى لا يكون للنظام أي شرعية وطنية أو دولية .
فهي إذاً محاولة للفّ والدوران والاستهزاء بالشعب التونسي وتضحياته وبالقتلى والشهداء الذين سقطوا خلال الإنتفاضة بغية عودة الرئيس بن علي بعد توقف الفوضى في البلاد ، خاصة أن الوزير الأول أعلن أن الرئيس فوضه بشكل مؤقت ، أي أنّ هناك رجعة للرئيس بعد وقت ؟؟
وانطلت على الشعب التونسي هذه الحيلة وهذا المكر الخبيث الذي مارسه أعوان الرئيس السابق ؟؟؟
وأرى أيضا أن الشعب التونسي لم يقطف حتى الآن الثمرة ، ولن يقطف أي ثمرة ما دام ممثلوا النظام وأعمدته الأساسيون متواجدون على رأس الدولة وخاصة أنهم يتخوّفـّون من بدء محاكمات قضائية ربما ستطال أغلب رموز وكبار المسؤولين في الدولة ، وهم بالطبع منهم .
فالنظام لا يزال يتنفّس من خلال الأتباع المتواجدين واللذين استولوا على البلاد من بعد الرئيس بن علي لإجهاض الانتفاضة الشعبية ونتائجها ، وأعتقد انّ الرئيس بن علي سيحاول العودة قريباً في حالة التهدئة والسيطرة التامة على الأرض ، وخاصة بعد إصدار قانون الطواريء الجديد وانتشار الجيش في كلّ مكان ، وخاصّة العاصمة ، وفي هذه الحالة ماذا سيفعل الشعب إذا عاد الرئيس لاستلام مهامه مجدداً .
تقريبا حدث أثر كبير وتفاعل شديد بين الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج مع القصية التونسية والجميع كان في حالة ترقّب وانتظار إلى ما ستؤول إليه الحركة الشعبية ، والدليل على ذلك الصمت الرسمي العربي والذهول الذي ظهر على الكثيرين من الحكام العرب والتخبّط الذي أبداه بعضهم مثل الرئيس معمر القذافي حيث لم يعرف ماذا يقول فاختار أسلوب النصيحة للشعب العربي التونسي ونصحهم لو أنهم صبروا ثلاث سنوات أخرى . بينما صمت حكام المغرب العربي وربما استعدوا للمواجهة على أراضيهم فالجماهير العربية توقعت أن يحدث شيء ما في الجزائر مثلا ، نظراً للاضطرابات التي حدثت من فترة قريبة جدا وخلال فترة التحرك الشعبي التونسي .
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر
لقد استجاب القدر لكن ليس للنهاية والمشهد التونسي لم ينتهي بعد!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق