مفهوم الاستعمار وأهدافه
مفهوم الاستعمار
الاستعمار هو ظاهرة تهدف إلى سيطرة دولة قوية على دولة ضعيفة وبسط نفوذها من أجل استغلال خيراتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي بالتالي نهب وسلب منظم لثروات البلاد المستعمرة، فضلاً عن تحطيم كرامة شعوب تلك البلاد وتدمير تراثها الحضاري والثقافي، وفرض ثقافة الاستعمار على أنها الثقافة الوحيدة القادرة على نقل البلاد المستعمرة إلى مرحلة الحضارة.
- الاستعمار الاستيطاني : إنشاء مستعمرات، أي محطات تجارية أو تجمعات سكانية مأهولة بمواطني دولة معينة خارج أراضي هذه الدولة، واستخدام هذه المستعمرات لتعزيز تأثير هذه الدولة على المحليين أو لتثبيت سيطرتها على الطرق، المعابر، المواقع الإستراتيجية، الأراضي الخصبة أو المناجم. شاع هذا النوع من الاستعمار منذ القرن ال16 وحتى منتصف القرن ال20. في الكثير من الأحيان تطور فرق ثقافي وسياسي بين سكان المستعمرات وبلدانهم الأصلية، مما أدى إلى انفصالهم عن دول الأم وإنشاء دول جديدة.
- الاستعمار الاستغلالي، أو الإمبريالية : وهو الدولة سلطتها المباشرة إلى إقليم خارجي بوسائل سياسية أو اقتصادية أو عسكرية.
- الاستعمار الجديد : السيطرة غير المباشرة على دول معينة بأدوات اقتصادية أو ثقافية أو سياسية.
أهداف الاستعمار وذرائعه
الأهداف السياسية
وتتمثل الأهداف السياسية في تحسين مركز الدولة الاستعمارية في التنافس على المراكز المتقدمة على سلم القوى الدولي، إِذ إِن تحسن المركز الدولي للدولة يوسع دائرة نفوذها في المجتمع الدولي، ويجعلها أكثر قدرة على التحكم في القرارات الدولية وتوجيهها لصالحها، ويمكن اعتبار مؤتمر برلين عام 1884مؤشراً على ذلك، فقد عقد هذا المؤتمر بسبب الصراع بين الدول الاستعمارية على مناطق النفوذ.
ويفسر العالم الأمريكي هانس مورغانثو الإِمبريالية بأنها "سياسة تستهدف قلب الوضع القائم والقيام بمراجعة علاقات القوى بين دولتين أو أكثر من أجل تحقيق تفوق محلي أو إقامة إمبراطورية قارية أو تحقيق هيمنة عالمية ويرى أن الدول كالأفراد لديها "شهوة القوة" أي الرغبة في تحسين وضعها باستمرار، من غير الاقتناع بالوضع القائم.
ولكي تتمكن الدولة الاستعمارية من تعزيز مركزها الدولي في إطار هذا التنافس، لا بد لها من زيادة مواردها، وهو أمر يستدعي البحث عن موارد خارج حدودها، فقامت هذه الدول بالإجراءات الآتية:
تمويل بعثات الاستكشافات الجغرافية التي تستهدف البحث عن مناطق غنية بالموارد أو يمكن الاستثمار فيها، ومن أمثلة ذلك تمويل رحلة فاسكودي غاما البرتغالي الذي اكتشف الطريق إلى الهند عن طريق رأس الرجاء الصالح في رحلته التي دامت من 1497 – 1498م، وتمويل الأسبان لبعثة كريستوفر كولومبوس الذي اكتشف السواحل الأمريكية البهاما عـــام 1492م. وتمويل بعثة ماجلان الذي وصل إلى سواحل أميركا الجنوبية عام1519م، وعبر الباسيفيكي الهادي إلى الفلبين حيث قتل هناك، كما تعرضت القارة الإفريقية إلى حملات استكشافية في القرن الخامس عشر الميلادي، لاسيما المناطق الساحلية، وتواصلت هذه الحملات إلى القارة الإفريقية حتى القرن التاسع عشر من البعثات البريطانية والفرنسية والألمانية.
الاحتلال العسكري المباشر للمناطق الغنية بالموارد، وإرسال موجات من المستوطنين في بعض الأحيان إلى المناطق التي تمت السيطرة عليها.
ومن أمثلة الاحتلال العسكري المباشر: الاحتلال البريطاني لعدن عام 1839م، ولمصر عام 1882م، ولنيجريا ابتداء من عام 1861م، والاحتلال الفرنسي للجزائر عام1830م، ولفيتنام عام1858م ، والاحتلال الأسباني لمناطق من المغرب عام 1912م .
أما المناطق التي عرفت استعماراً استيطانياً فمن أمثلتها:الاستيطان الصهيوني في فلسطين، والاستيطان الهولندي في جنوب إفريقية منذ عام 1652م، والاستيطان البريطاني فيها منذ 1823م.
السيطرة على المواقع: يستدعي تعزيز المركز الدولي للدولة الاستعمارية سيطرتها على المواقع التي تمثل مراكز، يمكن منها السيطرة على طرق المواصلات أو التحكم بمنابع بعض الأنهر أو مجاريها، أو منع تشكيل أحلاف متصلة جغرافياً مع بعضها.
ويكاد الوطن العربي يمثل أبرز مثال عل الموقع الاستراتيجي والتنافس في السيطرة عليه، فقد تنافست الدول الأوروبية على الوطن العربي وما زالت، إذ إن السيطرة عليه تعني التحكم في شبكة المواصلات التي تربط بين القارات الثلاث أوروبا و آسيا و إفريقية، تنافست بريطانيا و فرنسا على مصر، وعلى نهر النيل، واشتد التنافس بعد حفر قناة السويس، وقسمت الدول الأوروبية الوطن العربي إلى مناطق نفوذ في مراحل مختلفة. فكانت فرنسا في سورية ولبنان والمغرب العربي و جيبوتي، واستولت إيطاليا على ليبيا، واستولت بريطانيا على فلسطين والأردن والعراق ومصر والسودان ومناطق من اليمن، وكانت بعض مناطق المغرب خاضعة للاستعمار الإسباني. استخدام بعض المناطق المستعمرة لإجراء التجارب النووية: أجرت فرنسا تجربتها النووية الأولى في الصحراء الجزائرية عام 1960م، كما استخدمت بريطانيا وفرنسا عدداً من الجزر في المحيط الهادي لإجراء التجارب النووية.
الأهداف الاقتصادية
الحصول على المواد الخام: أدت الثورة الصناعية التي عرفتها أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر إلى حاجة الدول الأوروبية إلى المواد الخام التي اعتمدت عليها الصناعات الجديدة.
ولسد حاجة مصانع الدول كافة من المواد الخام، اندفعت الدول الأوروبية تبحث عن هذه المواد في أرجاء العالم كالقطن من مصر، والماس والذهب من جنوب إفريقية والأراضي الزراعية في الشمال الإفريقي ....الخ.
أما في القرن الماضي، فإن التنافس الأوروبي على النفط في المناطق العربية . الذي بدأت تتضح ملامحه في الثلاثينيات بشكل واضح، فقد اندفعت الشركات البريطانية والأميركية والهولندية والفرنسية تتنافس في الحصول على امتيازات التنقيب عن النفط في هذه المناطق.
إيجاد الأسواق لتصريف إنتاجها: ولّدت الثورة الصناعية حركة تصنيع واسعة، فانتشرت المصانع الكبيرة في الدول الاستعمارية، وزاد إنتاجها عن حاجة أسواقها، فبدأت تبحث عن أسواق جديدة لتصريف منتجاتها، وكان الاستعمار هو الوسيلة التي تضمن للدول المستعمرة السيطرة على الأسواق الخارجية مع الدول المستعمرة.
الحصول على الأيدي العاملة الرخيصة: عملت الدول الاستعمارية لنقل الملايين من الأفراد من المناطق التي استعمرتها إلى مناطق أخرى، من أجل تشغيلهم بأجور زهيدة أو التجارة بهم بوصفهم رقيقاً.
أما في الوقت الحاضر، فإن كثيراً من اقتصاديي الدول النامية يشيرون إلى نقل الدول الصناعية بعض مصانعها إلى الدول النامية، للاستفادة من رخص الأيدي العاملة في هذه الدول.
تأمين طرق المواصلات : تلجأ كثير من الدول إلى استعمار مناطق جديدة لتأمين طرق المواصلات إلى مستعمراتها في المناطق المختلفة، من أجل حماية ممتلكاتها والمحافظة على مصالحها الحيوية، واستخدامها محطات تجارية.
الأهداف الدينية والثقافية
ويتلخص الهدف الثقافي للدولة الاستعمارية في إعادة تشكيل المنظومة الثقافية لمجتمع المستعمرات، لجعله أكثر ارتباطاً بالدولة المستعمرة.
الأهداف الثقافية
عند إلقاء نظرة على الخريطة اللغوية للعالم، نجد أن لغة المستعمر تحل مكان اللغة المحلية في البلدان المستعمرة؛ فأغلب المستعمرات الإسبانية في أميركا اللاتينية تستخدم اللغة الأسبانية لغة رسمية، وتعد الإنجليزية اللغة الرسمية لعدد من المستعمرات البريطانية مثل: الهند ونيجيريا و جنوب إفريقية، كما تعد الفرنسية اللغة الرسمية في المستعمرات الفرنسية مثل تشاد ومالي والسنغال، وتعد اللغة البرتغالية لغة موزامبيق الرسمية بوصفها مستعمرة برتغالية سابقة.
وإِذا طبقنا ذلك على اللغة الثانية في عدد من الدول، فسنجد أنها لغة المستعمر، كما هو حال الإنجليزية في العراق ومصر والأردن، والفرنسية في دول المغرب العربي، وهو أمر ينسجم مع ما قاله العالم تريتشكا من: أن اللغة هي أساس التجارة المزدهرة، إِذ إِن الأمة لا تفقد مستعمراتها المرتبطة بها باللغة والثقافة حتى لو انقطعت الرابطة السياسية.
ارتبط عدد من الحملات الاستعمارية بوجود بعثات وإرساليات تبشيرية دينية، وقد نجح عدد منها في تنصير قطاعات من سكان المستعمرات، وكان أبرز حالات النجاح في هذا المجال في الدول الإِفريقية مثل جنوب السودان وجنوب نيجيريا.
الأهداف السكاني الديموغرافية
لتخفيف الضغط السكاني عندها بالسيطرة على أقاليم معينة ونقل الفائض السكاني إِِليها، وهو ما اعتمدته ألمانيا وإيطاليا واليابان في الحربين العالميتين، ولذا فإِِِِن من حق الدول الاستعمارية أن تنمو على حساب المناطق التي فيها أماكن للفائض السكاني، وقد قامت في أوروبا عند اشتداد البطالة في القرن التاسع عشر مدرسة الإِصلاح الاستعماري التي دعت لتحويل الفائض السكاني إِلى المستعمرات واستخدامهم في الزراعة، وكان في بريطانيا في هذه الفترة 103 جمعيات لهذا الغرض. لا شك ان المناطق التي اتخذها الاستعمار الأوروبي هدفاً له كانت على درجة كبيرة من الضعف والتأخر الاقتصادي والسياسي والعسكري والعلمي، وكان هذا دافعاً قوياً للدول على التوسع.
الاستعمارية لاتخاذ مجموعة من الذرائع لتسويغ مسلكها الاستعماري، إِِذ تحاول إِِخفاء الدوافع الحقيقة للاستعمار، ولكنها في معظم الأحيان ليست إِِلا ستاراً للأسباب الأصلية،
- تمدين الشعوب غير الأوروبية.
- تأمين طرق المواصلات.
- حرية التجارة.
- الشرعية الدولية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق