Powered By Blogger

السبت، فبراير 05، 2011

لقاء السيد الرئيس بصحيفة " وول ستريت جورنال " الأمريكية


 
توسع الرئيس الأسد في حوار شامل أجرته معه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في شرح تصوره للإصلاح في سورية ومتطلباته كما إلى عوائقه، في معرض تعليقه على مسار هذه العملية وفي سياق الحديث عن تطورات المنطقة ولاسيما في مصر وتونس. كما أجاب الرئيس الأسد على الأسئلة المتعلقة بالشأن الإقليمي والدولي . وفيما يلي مقتطفات من أبرز ما جاء في الحوار ولاسيما المتربط بالشأن الداخلي السوري ومحيطها.

كان لدينا الكثير من الأمور لنسألك بشأنها الأسبوع  الماضي .والآن أصبح لدينا أسئلة أكثر
  
الرئيس الأسد:
هذا هو الشرق الأوسط، حيث كل أسبوع هناك شيًء جديد.  وهكذا، مهما كان ما تتكلم عنه هذا الأسبوع فانه يصبح لا قيمة له الأسبوع  المقبل.  سورية من الناحية الجغرافية والسياسية  في وسط منطقة الشرق الأوسط، ولذلك فنحن على احتكاك مع أغلب المشاكل فيها إلى الأبد، لنقل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
   
نشكرك ثانية لاستقبالنا، ونحن نقدر ذلك.  ربما نستطيع  أن نبدأ من الوضع الإقليمي الذي يطغى على جميع الأخبار. كرئيس لسورية، كيف ترى ما يحدث في تونس ومصر والجزائر والأردن؟  كيف ترى المنطقة تتغير؟  وأخيرا، ماذا يعني ذلك لسورية بالذات؟
  
الرئيس الأسد:
هذا يعني أنه في حال كان لديك مياه راكدة، فسيكون لديك تلوث وميكروبات؛ وبسبب وجود هذا الركود، وعلى مدى عقود، خاصة في العقد الأخير، وعلى الرغم من التغيرات الضخمة التي تحيط  بالعالم وببعض المناطق في الشرق الأوسط، بما فيها العراق، وفلسطين، وأفغانستان. لأن لدينا هذا الركود فقد ابتلينا بالميكروبات، ولذلك فإن ما تراه في هذه المنطقة هو نوع من المرض. هكذا نرى الأمر.
إذا أردت أن تتحدث عن تونس ومصر، فنحن خارج هذا الأمر. وفي النهاية، نحن لسنا تونسيين ولسنا مصريين. لا نستطيع أن نكون موضوعيين، لاسيما وأن الوضع لا زال ضبابيا وليس واضحاً. إن الأمور لم تستقر بعد، ولذلك فان أياً كان ما تسمعه أو تقرأه في هذه المرحلة، لا يمكن أن يكون واقعياً أو محدداً أو موضوعياً. ولكنني أستطيع الحديث عن المنطقة بشكل عام أكثر من الحديث عن تونس أو مصر لأننا  نشكّل منطقة واحدة.  نحن لسنا نسخاً عن بعضنا لكن لدينا الكثير من الأمور المشتركة. إذن اعتقد أن الأمر يتعلق باليأس؛ وكلما كان لديك ثورة فإن من الثابت أنه سيكون هناك غضب، لكن هذا الغضب يتغذى من اليأس. اليأس مرتبط بعاملين داخلي وخارجي.  الداخلي هو ما نلام عليه كدول ومسؤولين، أما الخارجي فهو ما تلامون أنتم بشأنه كقوى عظمى أو ما تدعونه في الغرب بالمجتمع الدولي، بينما بالنسبة إليهم فان المجتمع الدولي مكوّن من الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى، ولكن ليس العالم كله.  لذلك دعنا نشير إلى الأخير باسم القوى الأعظم المنخرطة في هذه المنطقة منذ عقود.
أما بالنسبة للعامل الداخلي فان الأمر يتعلق بالقيام بشيء لتغيير المجتمع، وعلينا أن نواكب ونجاري هذا التغيير كدولة ومؤسسات. عليك أن تطوّر نفسك مع تطور المجتمع. لابد أن يكون هناك شي ما لتحقيق هذا التوازن، وهذا هو العنوان الأكثر أهمية. أما فيما يتعلق بالغرب فإن الأمر مرتبط بالمشكلات التي لدينا في منطقتنا، مثل غياب السلام، وغزو العراق، وما يحدث في أفغانستان، والآن تداعياته على باكستان ومناطق أخرى. وهذا أفضى إلى اليأس  والغضب. ما أخبرك به الآن هو مجرد عناوين رئيسية، أما من ناحية التفاصيل فربما يكون لدينا تفاصيل للحديث عنها لأيام، في حال أردت المواصلة. أنا أعطيك فقط الطريقة التي ننظر فيها إلى الوضع بشكل عام.
أي نوع من التغيير؟ ما هو تعريفك للتغييرات التي تجري؟
الرئيس الأسد:
دعنا نتحدث عما لم يتغير حتى اليوم. حتى الآن لدينا أمران جديدان  فقط , ولكن إن أردت الحديث حول أمر جديد في حياتنا , فلديك آمال جديدة وحروب جديدة . لديك الكثير من الأشخاص الذين يأتون إلى سوق العمل وهم بدون وظائف ولديك الحروب التي تولد اليأس.
إذا فهناك تغييرات داخلية وأخرى خارجية, بالطبع إذا أردت الحديث عن التغييرات داخليا ,فلابد أن يكون هناك نوع مختلف من التغييرات: سياسية واقتصادية وإدارية . هذه هي التغييرات التي نحتاجها , لكن وفي الوقت نفسه عليك أن تطور المجتمع وهذا لا يعني أن تطوره من الناحية التقنية من خلال تطوير الكفاءات,بل يعني ان  تفتح العقول .
في الحقيقة , المجتمعات خلال العقود الثلاثة الماضية ولاسيما منذ فترة الثمانينات أصبحت أكثر انغلاقا بسبب تزايد انغلاق العقول ما قاد إلى التطرف .هذا التيار سيقود إلى تداعيات تتسم بإبداع اقل  وتنمية اقل وانفتاح اقل ., لا يمكنك إصلاح مجتمعك أو مؤسستك بدون أن تفتح عقلك , إذا فان القضية الجوهرية هي كيف تجعل العقل منفتحا والمجتمع بكامله منفتحا وهذا يعني الجميع في  المجتمع وهذا يتضمن كل فرد فيه, إنا لا أتكلم عن الدولة أو عن  الناس العاديين , أنا أتحدث عن كل شخص لأنك عندما تغلق عقلك كمسئول لا يمكنك أن تتطور والعكس صحيح .
هذا من الداخل , أما من الخارج ,فما هو دور الغرب؟ لقد مر الآن نحو عشرين عاما منذ بدأنا عملية السلام عام/1991/. ما الذي  حققناه ؟ أن الطريقة السهلة للإجابة على هذا السؤال هو القول  هل الوضع أفضل أم أسوا ؟ نستطيع على سبيل المثال القول أن  الوضع أفضل بنسبة خمس بالمئة عما كان عليه عندما بدأنا عملية  السلام, استطيع أن أقول لك بصراحة أن الوضع أسوأ بكثير ولذلك لديك المزيد من اليأس ,هذه هي النتيجة النهائية .و إذا أردت الحديث عن المقاربة فانا أتحدث دائما عن أن الأمر يمضي إلى  حلقة مفرغة من اليأس وخصوصا عندما تتكلم عن السلام .إنني أتحدث الآن عن السلام . لديك عوامل أخرى: لديك المفاوضات و من ثم الآمال المبالغ فيها والتي أعقبها الفشل ,ومن ثم يأتي أمل  آخر وفشل آخر وهكذا فان الخط البياني ومع مرور الوقت اخذ  بالهبوط ,وهذا ما يحدث , قدر قليل من الارتفاع وقدر اكبر من الهبوط , وهذا احد الأمثلة عن السلام .
 أما داخليا , إن الأمر يتعلق بالإدارة وبمشاعر الشعب وكرامته, بمشاركة المواطنين في اتخاذ القرارات المتعلقة ببلدهم ,إن الأمر متعلق بقضية مهمة أخرى. أنا لا أتحدث بالنيابة عن التونسيين أو المصريين , أنا أتحدث بالنيابة عن السوريين ,وهو أمر نتبناه  دائما , لدينا ظروف أصعب من مما لدى اغلب الدول العربية ولكن  على الرغم من ذلك فان سورية مستقرة ., لماذا؟ لأنك يجب أن  تكون مرتبطا بشكل وثيق جدا بمعتقدات المواطنين , هذه هي
المسالة الجوهرية . عندما يكون هناك اختلاف بين سياستك وبين معتقدات الناس ومصالحهم سيصبح لديك هذا الفراغ الذي يخلق الاضطراب, إذا فالناس لا يعيشون فقط على المصالح بل أيضا  على المعتقدات وخصوصا في الميادين العقائدية , ولن يكون بإمكانك فهم ما يجري في المنطقة إلا إن فهمت الناحية العقائدية للمنطقة .
  
إذا كانت سورية في صف واحد مع شعبها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية , لماذا يشكل الإصلاح السياسي مثل هذا  التحدي داخليا ؟ هذا أمر تعمل عليه لكن الناس يشعرون  بأنه لم يتم تحقيق تقدم كبير فيه
الرئيس الأسد :
بدأنا الإصلاح منذ أصبحت رئيسا. لكن الطريقة التي ننظر بها إلى الإصلاح مختلفة عن الطريقة التي تنظر بها أنت إليها , بالنسبة  إلينا لا يمكن أن تضع الأحصنة أمام العربة , إذا أردت أن تبدأ  يجب أن تبدأ ب 1..2..3..4 لا يمكنك أن تبدأ بـ6 ومن ثم  تعود إلى الواحد , بالنسبة لي الرقم/1/ هو تماما ما ذكرته للتو: كيف  تطور المجتمع بكامله . بالنسبة الي كدولة ومؤسسات الأمر الوحيد  الذي يمكن عمله هو, لنقل, إصدار بعض المراسيم والقوانين .. من الناحية الفعلية هذا ليس إصلاحا . الإصلاح يمكن أن يبدأ ببعض المراسيم لكن الإصلاح الحقيقي يتعلق بكيف تجعل المجتمع منفتحا وكيف تبدأ حوارا .
    المشكلة مع الغرب أنهم يبدؤون بالإصلاح السياسي ومن ثم التوجه نحو الديمقراطية ..إذا كنت تريد المضي نحو الديمقراطية فان أول أمر  يجب أن تفعله هو إشراك الشعب في صنع القرار لا أن تقوم بإصدار  القرار .. هذه ليست ديمقراطيتي كشخص بل هي ديمقراطيتنا كمجتمع .. إذا كيف تبدأ؟ تبدأ بخلق حوار ..كيف تخلق حوارا ؟ نحن لم يكن لدينا في الماضي إعلام خاص ولم يكن لدينا انترنت أو جامعات أو مصارف خاصة. كل شيء كانت تديره الدولة ..لا يمكنك أن تخلق الديمقراطية التي تسال عنها بهذه الطريقة ..لديك طرق مختلفة لخلق  الديمقراطية .
هل الشعور بأنك عندما تفعل ذلك قبل أن تفتح عقول المواطنين فان النتيجة ستكون التطرف ؟
الرئيس الأسد:
لا ليس لهذا السبب, بل السبب هو أن الحوار ممارسة وعليك أن تدرب نفسك على كيفية إجراء الحوار ,وعندما تكون لا تتكلم ,وفجأة تتكلم, فان ما يحدث هو انك لا تتكلم بالطريقة الملائمة أو الطريقة البناءة .. نحن نتعلم ..ولكن  نتعلم من أنفسنا .أنت لا تتعلم من أي شخص
في هذا العالم .. وعندما يكون لديك إصلاح لابد أن يكون إصلاحا وطنيا ..يمكنك أن تتعلم أذا رغبت من تجارب الآخرين أو من احد مظاهر هذه التجارب ولكن لا يمكنك أن تعتنق التجربة بكاملها .. أول أمر يجب أن تتعلمه هو كيف تجري حوارا وكيف تجعله بناءا .. وهكذا بدأنا نجري حوارا في سورية من خلال الإعلام قبل ست أو  سبع سنوات مضت .  اليوم أفضل من ست سنوات مضت .. لكنه ليس الوضع الأمثل .لا زال أمامنا طريق طويل لنمضي فيه
لان الأمر هو عملية متواصلة..لو أنني نشأت في ظروف مختلفة  لكان علي أن أدرب نفسي, ولنكون واقعيين,علينا أن ننتظر الجيل المقبل لجلب هذا الإصلاح .. هذا أولا . ثانيا ,في سورية لدينا مبدأ مهم للغاية أتبناه شخصيا .. وهو إذا أردت أن تكون شفافا مع شعبك لا تفعل أي شيء تجميلي سواء كان الهدف خداع شعبك  أو لتحصل على بعض التصفيق من الغرب .. هم يريدون انتقادك , دعهم ينتقدون ولا تقلق.. فقط كن شفافا مع شعبك واخبرهم أن  هذا هو الواقع ..ما تفعله اليوم قد يكون سيئا الآن ولكن جيد  جدا العام المقبل .. إذن الوقت مهم بالنسبة للإصلاح وذلك يعتمد  على ما مدى ما يمكنك المضي به إلى الأمام ..وبالعودة إلى عامل الركود , نحتاج إلى مياه متدفقة ولكن كم ستكون سرعة تدفقها .. إذا كانت سريعة جدا يمكن أن تكون مدمرة أو يمكن أن يتسبب بفيضان ..لذلك لابد أن تجري المياه بسلاسة .
مما رأيناه في تونس ومصر خلال الأسابيع الماضية  هل يجعلك ذلك تفكر بان هناك بعض الإصلاحات التي يجب أن تقوم بتسريعها؟ وهل هناك أي قلق من أن ما يحدث في مصر  يمكن أن يصيب سورية؟
الرئيس الأسد:
إذا لم تكن قد رأيت حاجة للإصلاح قبل أن يحدث ما حدث في  مصر وفي تونس فان الوقت سيكون قد تأخر كثيرا للقيام بأي  إصلاح ..هذا أولا. ثانيا ,إذا قمت بالإصلاح فقط بسبب ما حدث  في مصر و تونس فسيكون مجرد رد فعل وليس فعلا.. وطالما كان ما تفعله هو رد فعل فانك ستفشل .. إذا من الأفضل أن  تفعل ذلك عن قناعة .. لأنك مقتنع به .. وهذا أمر نتحدث  عنه في كل مقابلة وكل اجتماع .. نحن دائما نقول أننا نحتاج  إلى الإصلاح ولكن أي نوع من الإصلاح ..هذا أولا.. ثانيا , إذا أردت أن تجري مقارنة بين ما يجري في مصر وسورية  فعليك أن تنظر من زاوية مختلفة.. لماذا سورية مستقرة  على الرغم من أن لدينا ظروفا أكثر صعوبة ؟ مصر مدعومة  ماليا من الولايات المتحدة فيما نحن تحت الحظر الذي تفرضه  غالبية دول العالم .. لدينا نمو على الرغم من أننا لا نملك  الكثير من الاحتياجات الأساسية للناس..وعلى الرغم من  كل هذا لا تجد الناس يخرجون في انتفاضة.. لذلك فالأمر
لا يتعلق فقط بالاحتياجات وليس فقط بالإصلاح ولكنه متعلق بالعقيدة والمعتقدات والقضية .. هناك فرق بين أن تكون لديك  قضية وبين أن يكون هناك فراغ .. إذا وكما قلت لدينا الكثير من  الأمور المشتركة ولكن وفي الوقت نفسه لدينا بعض الاختلافات.
   
إذا وبطريقة ما يجب أن يكونوا قادرين على التحرك  بشكل أسرع أليس كذلك؟
الرئيس الأسد:
بالضبط..وما يحدث هو العكس .. إنهم يطلبون منك المضي في  الإصلاح بشكل أسرع ويفرضون في الوقت نفسه حظرا ..إن جزءا من المضي أسرع يتعلق بالأمر التقني وجزء من المشكلة  هو كيف تطور إدارتك لأنه وفي النهاية كل شيء في المجتمع  سيكون مرتبطا بالإدارة مثل القوانين والنظام القضائي وقضايا  تقنية أخرى .. وما لم تفعل ذلك من اجل اقتصاد أفضل و أداء أفضل فان الناس لن يكونوا راضين ..والنقطة الأكثر أهمية في أي إصلاح هي المؤسسات ..لا يمكن أن تكون لديك ديمقراطية بدون مؤسسات .. لا يمكن أن يكون لديك ديمقراطية على  أساس أمزجة لأشخاص ذوي مصلحة خاصة . إذا فالبداية تكمن في الحوار والمؤسسات .
(..)
هل تعتقد بأننا نمضي نحو حقبة جديدة كليا مع قوى جديدة مثل تركيا وسورية ؟
الرئيس الأسد :
إنها حقبة جديدة ولكنها لم تبدأ الآن .. هذه هي النقطة.. لقد بدأت مع الثورة الإيرانية .. ولكن تلك هي المشكلة فنحن دائما ننسى ..ليس لدينا ذاكرة .. نحن ننسى أن أمرا حدث في إيران عام/1979/ ومن ثم و لأنه لم يحدث أي أمر مماثل فيما بعد نسينا .. ولكن هذه نفس الحقبة .. إنها انتفاضة ضد أي شخص يريد معارضة ما يؤمن به الشعب ..وكما قلت أنا شخص يرى  الأمور من الخارج الآن ولا استطيع الحديث عما يحدث في الداخل هناك و أريد أن أكون محددا وموضوعيا .. ولكن هذه  ليست بداية حقبة . ربما في العالم العربي هي كذلك ولكن  إيران جزء من منطقتنا فهي على حدود العراق .. وكان لدينا  انتفاضة في العراق عام/1991/ ضد صدام لكنه جرى قمعها  بدعم من الولايات المتحدة وخصوصا في الجنوب ..لقد منعوه  من اضطهاد الأكراد لكنهم سمحوا له باضطهاد السكان في  الجنوب , وهم الشيعة في ذلك الوقت .
هل تعتقد بأنه وخلال هذه الحقبة وما تتضمنه سيكون  للولايات المتحدة نفوذ اقل ؟
الرئيس الأسد :
في هذه الحقبة كان لدينا إيران ولدينا الانتفاضة في فلسطين عام /1987/ وأيضا عام/1993/ و الآن تجدها في العالم العربي.
إذا فانه نفس المفهوم ويتمحور حول اليأس والغضب ..  في فلسطين هناك إحباط بسبب اتفاق أوسلو وقبل أوسلو لأنه ليست لديهم حقوق .. و الآن الانتفاضة هي ضد ما يحدث  في العالم العربي .. والجديد فيها هو أنها تحدث داخل بلدان  مستقلة في العالم العربي .. انه أمر جديد ولكنني لن ادعوها  حقبة جديدة لانها ليست حقبة جديدة بل هي شيء جديد سيغير الكثير من الأشياء , على الأقل في الطريقة التي نفكر بها  كحكومات و كمسئولين فيما يتعلق بشعوبنا. هذه هي أهم نقطة ,  والأمر الآخر الذي سيتغير هو الطريقة التي سينظر بها الغرب و القوى العظمى إلى منطقتنا والطريقة التي سينظرون بها إلى دولنا ومسئولينا ..هل تريد شيئا فقط ليسترضيك أم  تريد شيئا يسترضي الناس ؟هذا هو السؤال , أي منهما  ستختار ؟ هذا هو السؤال الذي على الغرب أن يجيب عليه بأسرع وقت ممكن من اجل أن يعرف كيف يتعامل مع  مصالحه في المنطقة . إذا هو أهم أمر بالنسبة إلينا وهو الطريقة التي ينظر بها الغرب الى الوضع وما الدروس  التي سيتعلمونها .
هل تعتقد أن الغرب أو الولايات المتحدة سيكون لها  تأثير أقل أو إمكانية أقل لإملاء الأوامر بسبب هذه التغيرات؟
الرئيس الأسد :
هذه هي المرة الأولى التي نسمع كلمة /إملاء/ من الغرب لأننا  يطلق علينا لقب الدكتاتورات والدكتاتور هو الذي  ينبغي أن  يملي الأوامر.. والجواب هو نعم لأنكم تملون من خلال  المسئولين والحكومات ولكنكم لا تستطيعون الإملاء من خلال  الشعب و طالما أن الشعب سيكون له الكلمة الأكبر في المستقبل فسيكون لكم في الولايات المتحدة بعد ذلك الكلمة الأكبر وليس  فقط في الولايات المتحدة ولكن أي أحد يريد التأثير على  المنطقة من الخارج.

لبنان
هل يمكنك التحرك باتجاه لبنان؟ هل أنت راض عن تشكيل حكومة جديدة هناك وهل تعتقد أن لبنان يسير نحو تحقيق بعض الاستقرار ؟
الرئيس الأسد:
ما يسعدني هو أن هذا الانتقال بين الحكومتين حدث بسلاسة لأننا كنا قلقين كما أعربنا عن قلقنا  قبل وخلال الأسابيع القليلة  الماضية حول الوضع في لبنان لذلك فان النقطة الأكثر أهمية هي أن هذا التحول حدث على نحو سلس.
والآن فان مرحلة الانتقال الثانية لا يمكن تحقيقها قبل تشكيل الحكومة والسؤال الآن هو من أي نوع ستكون هذا الحكومة ؟ هل هي حكومة وحدة وطنية؟ هذا السؤال مهم جدا لأننا نتحدث عن بلد منقسم وليس عن حكومة مستقرة لذلك فانه و من دون  حكومة وحدة وطنية  لن يكون هاما جدا ما لديك من الأغلبية أو الأقلية ,وهذا يعني لاشي, لأنه إن كان لديك جانب يتغلب على الجانب الآخر  فان  هذا يعني صراعا.
وفي لبنان و منذ 300 سنة كان من السهل جدا وقوع صراع  قد يتطور إلى حرب أهلية كاملة.. حتى هذه اللحظة كل شي يسير على ما يرام لذلك فإننا نأمل أن يشكلوا خلال هذا الأسبوع حكومة وحدة وطنية وهذا هو الهدف من وجود رئيس الوزراء ولذلك أعتقد أن الوضع متجه للأفضل او نحو التأكد من أن الأمور تسير بشكل طبيعي وسلس دون أي صراع.
 هل يمكنك الإسهاب حول هذه النقطة لأنه وفيما يبدو فسورية والسعودية والممثلتين بشكل رئيسي بك وبالملك عبد الله كان لديهما اتفاق بشان لبنان ومن ثم غادر الملك إلى الولايات المتحدة وبدا أن تلك كانت نهاية المسالة , هذا هو ما احسسنا به ولكن هل هناك أي شيء يمكنك اخبارنا به حول ماهية الاتفاق ولماذا في النهاية لم تنفذ . هل السبب هو ما قاله الاميركيون للملك عبد الله عندما كان في نيويورك.. لكن ايا كان ما تم الاتفاق بشانه فانه لم يتحقق
الرئيس الأسد :
منذ انشاء المحكمة وجزء من اللبنانيين يتساءلون لماذا لدينا محكمة دولية ؟ لم لا يكون لدينا محكمة لبنانية ؟ وهذا أمر واقعي ومنطقي. إذا كنت تريد أن يكون لديك محكمة وطنية ليس لديها القدرة على التعامل مع جريمة  معقدة فلماذا لا تتوقع أن يكون لديك خبراء من الخارج , بمساعدة بعض البلدان او بمساعدة الأمم المتحدة و الأمر سيان .إذا فهم ضد المحكمة الدولية على أي حال .. والبعض يقول لم لا يكون لدينا محكمة عربية بدلا من ذلك؟ اذا لدينا وجهات نظر مختلفة .. البعض مقتنع بان المحكمة مسيسة والتسريبات والتي هي مختلفة عن/ويكيليكس/ و التي تدعى "بتسريبات الحقيقة" في لبنان بشان تسجيلات لبعض الاشخاص الذين ارادوا تزوير ادلة وشهود مزيفين اصبحت واضحة الان ... ولذلك كان هناك الكثير من اللغط بشان هذه المحكمة وبشان مصداقية وحرفية هذه المحكمة.
ولاننا نرى بان هذه المحكمة ستخلق مشاكل قلنا دعونا  نجد حلولا .. الطرف الاول وهي المعارضة قالت نحن لانحتاج الى المحكمة على الاطلاق ..دعونا ننشئ محكمة لبنانية ولانقبل باي محكمة دولية .. فيما قال الطرف الاخر اننا سنقبل بالمحكمة ولكن لدينا شروطا داخلية و متطلبات وشيئا يتعلق بالادارة في المقابل . لا اذكر هذه الاشياء الان .. انها تفاصيل صغيرة .. ولكن هكذا كان الاتفاق وكنا قريبين جدا من التوصل الى الاتفاقية النهائية عندما اتصل الملك عبد الله وقال ان الامر لن ينفع لان احد الاطراف ليس مستعدا , ولانه كان يتحدث عبر مكبر الصوت في الهاتف فاننا لم نناقش التفاصيل . بالطبع لدينا علاقات جيدة مع الملك عبد الله الا انني لم التقي  به بعد او مع ابنه الامير/ عبد العزيز/ الذي كلف باداء هذه المهمة .. والان هم انتقلوا الى المغرب .. اعتقد ذلك.وهو آت قريبا الى سورية .. إذا فقد مرت ثلاثة اسابيع  الان ونحن لا نعلم ما حدث تماما .. نحتاج لمقابلتهم من اجل معرفة ما حدث وما السبب في ان طرفا ما ليس مستعدا , من هو الشخص المسؤول عن ذلك ,, لا اعلم .
لا توقيع لاتفاق مع وكالة الطاقة الذرية
هل لي أن أسأل سؤالاً أوسع؟ وأنا أعلم أن القضية الكبرى في هذه المنطقة من إيران إلى سورية إلى إسرائيل هي وجود منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل و من الأسلحة النووية. من ناحية ، أنا أعلم أن سورية و بلدان أخرى مهتمة جدا في دفع الإسرائيليين إلى توقيع معاهدة حظر الانتشار النووي تحت إشراف دولي وهذا لا يحدث. ولكن في نفس الوقت هناك القليل من النزاع مع الوكالة بشأن مزاعم بأن سورية تسعى خفية إلى هذا النوع من التكنولوجيا النووية. هل يمكنكم الحديث عن ذلك و كيف يمكن الوصول إلى منطقة خالية من الأسلحة النووية و إنهاء نزاعكم  مع الوكالة الدولية وفيما إذا كان هناك طريقة لاتخاذ قرار بشان اتهاماتهم تلك لكم؟
الرئيس الأسد : لقد كنا عضوا في مجلس الأمن لعامي  2002 و 2003 ، وكان هناك مشروع سوري في ذلك الوقت بشأن إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل ، وبالطبع الذين عارضوا ذلك هم  إدارة بوش، لأنه يضم إسرائيل، والواقع أنه ( أي المشروع) لا يزال هناك ، واعتقد أنهم أعطوه الصيغة الزرقاء، وذلك يعني انه غير مفعل. هذه هي وجهة نظرنا: الشرق الأوسط منطقة صراع منذ قرون وليس عقود. 
فيما يتعلق بوكالة الطاقة الذرية، إسرائيل هاجمت هذا الموقع وقلنا انه موقع عسكري. بالطبع في البداية لم يقولوا إنه موقع نووي. هم انتظروا لمدة ثمانية أشهر وبعد أن أعدنا بناء الموقع قالوا أنه كان موقعا نوويا.  ينبغي عليهم معاقبة الولايات المتحدة وإسرائيل ، وخصوصا الولايات المتحدة. لماذا الانتظار ثمانية أشهر للقول إنه موقع نووي، هذه هي النقطة الأولى، والنقطة الثانية هي ما حدث مع الوكالة. طلبوا منا أن يرسلوا خبراء ، ولأننا واثقون جدا قلنا لهم يمكنكم المجيء وجاءوا وأخذوا عينات وذهبوا إلى فيينا، كما أعتقد ، وبعد ذلك قالوا إنهم اكتشفوا بعض الجسيمات من الإشعاعات ، وأنت تعرف انه إذا كان لديك منشأة نووية فإنك لن تسمح لأحد في العالم أن يأتي إذا أردت أن يبقى الأمر سرا. هذا أولا، ثانيا، قالوا إن إسرائيل هاجمت موقعاً نووياً قيد الإنشاء، وقبل أن يبدأ العمل. إذا كان قيد الإنشاء ، وقبل أن يبدأ العمل ، فكيف يمكن أن يكون لديك هذه الجسيمات؟ من أين أتوا؟ لأنك لا تجلب المواد إلى الموقع حتى يبدأ العمل، فهل هذا صحيح؟ هذا ثانيا. ثالثا، كيف يمكنهم تدمير موقع دون وجود ضحايا ودون وجود أي خطط طوارئ لأنه مفترض أن يكون نوويا؟ وماذا عن الإشعاعات؟ كل واحد بإمكانه الذهاب إلى الموقع فهو مفتوح ويمكنك أن تعبر بجانبه. لذا ، فهو واضح للجميع أنه لم يكن موقعا نوويا ، ولكن السؤال هو : لماذا انتظروا لمدة ثمانية أشهر؟ لأنه عندما تنتظر ثمانية أشهر ونحن نعيد بناء الموقع  فإنه من السهل عليك أن تقول أنه كان، هل تفهم ذلك؟
نعم.
(...)
وهل تعتقدون أنه يمكن حل هذه المشكلة مع وكالة الطاقة الذرية؟
الرئيس الأسد : نعم ، أعتقد .نحن الآن  نتناقش معهم. معظم القضايا تقنية و قانونية في الواقع.
هل ستسمحون  بكل ما يحتاجه ذلك التفتيش و مهما كانت الوكالة تريد أن تفعل أو أنتم لا تزالون تتفاوضون معهم؟
الرئيس الأسد : لا ، في الواقع هناك تعاون بين سورية والوكالة الدولية فيما يتعلق بالأشياء العادية مثل هذا المفاعل وهذه الكعكة الصفراء ، إنها لا تراه إلا كل ستة أشهر أو سنة ، لدينا قواعد ، ولكن هذه المرة طلبوا إلى سورية أن توقع البروتوكول الإضافي الذي يمكنهم أن يأتوا أي وقت. لا ، نحن لن نوقع.
في أي وقت وفي أي مكان؟
الرئيس الأسد : لا ، نحن لن نوقع. يمكن أن نتبع فقط لمعاهدة عدم الانتشار لأننا من الدول الموقعة عليها وليس لدينا أي مشكلة. لا أحد سيقبل التوقيع عليه، وهذا شيء متعلق بالسيادة : أن تأتي أي وقت للتحقق من أي شيء تحت عنوان فحص الأنشطة النووية يمكنك من التحقق من أي شيء. لدينا العديد من الأمور السرية مثل أي بلد آخر ولا أحد سوف يسمح لهم...
(...)
أريد فقط أن أعرف من نقطة البداية لأنكم كنتم تقولون أن التغييرات في المنطقة بدأت من الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 ، ثم في نفس الوقت انتم ببساطة تعرفون أن ما حدث ويحدث في الأسابيع الأخيرة أوحى أن هناك عهدا جديدا في العالم العربي نفسه ، أريد فقط أن أؤكد هل ترون أن هناك حقبة جديدة ناشئة ولا احد يرى بالضبط ما سوف تكون ولكن هذا هو مجرد تصوركم الخاص ، يعني أننا في  حقبة جديدة حيث يكون لدي الناس أنفسهم صوت أكثر، والولايات المتحدة  والدول الأخرى الذين يرون في هذه البلدان مثل ، كما تعلمون ، مصر ، الأردن ، انه يمكن أن تنجح في دفع سياساتها. تلك الحقبة على وشك الانتهاء. كيف ترون ذلك؟
الرئيس الأسد : لن أقول نهاية لأنه في النهاية أنا لا أطيع الولايات المتحدة، ولكن أود أن أقيم علاقات جيدة مع الولايات المتحدة ، أود أن أقيم الحوار والحوار يعني التفاعل، وهذا لا يعني أن نقول لا ، لا ، لا. أنا لا أريد أن أتأثر بك. علينا أن نتأثر ببعضنا البعض. لذا ، اسمحوا لنا أن نكون معتدلين وواقعين. لا ، لا اعتقد انه يجب على كل شخص قطع علاقته مع أي احد  من هذه القوة العظمى ، ولكن اعتقد أن الأمر يتعلق بشيئين سواء كان إيجابيا أو سلبيا. الجانب الايجابي : هل سيكون هناك عهدا جديدا نحو مزيد من الفوضى أو نحو مزيد من المأسسة؟ هذا هو السؤال. لذا هذا ما قلته في البداية لا تزال هناك ضبابية،  لا يمكننا فهم الأسباب حتى نرى النهاية والنهاية غير واضحة حتى الآن.
وهل ذلك يحمل درسا لسورية  وانتم كيف تنظرون إلى ذلك الأمر؟

الرئيس الأسد : بالنسبة للجميع ، طبعا لا تستطيع أن تقول أنك لم تتلق درسا.
والدرس هو أن تتحرك بشكل أسرع أو أبطأ؟
الرئيس الأسد : إن الشيء الجيد في سورية هو أن الكثير من الأمور التي تحدثت عنها كتحليل ، شيء ما بإمكاننا اعتماده، ولكن كم يمكن أن تكون بعيدا عن الناس ، هذا هو السؤال ، سواء فيما يخص القضايا الداخلية أو فيما يتعلق بالقضايا الخارجية. أنا لدي علاقات وأستقبل العديد من المسؤولين من الولايات المتحدة وأنا أتحدث عن التعاون لكنهم لا يلومونني لأنني لست دمية.
لذا ، كنت تشعر في المدى القصير انه لا يتوجب عليك حقا أن تفعل ذلك لأنك تحت مرأى شعبك ، ولكن على المدى الأبعد فان القضية هي بناء المؤسسات وذلك النوع من البطء في الإصلاحات بدلا من التسارع بها...
الرئيس الأسد : تماما ، لأنه حتى لو كنت تريد التحدث عن الديمقراطية والمشاركة ، وينبغي أن يكون من خلال المؤسسات. لذا، قم بتوسيع هذه المشاركة من خلال تحسين وتطوير هذه المؤسسات.
بالتأكيد ، كثير من الناس الذين يقولون لا ، الدرس يجب أن يكون إصلاحا سياسيا  أسرع، تمثيلا للشعب أسرع  بكثير وتحسين حقوق الإنسان؟
الرئيس الأسد : أنا لا أعتقد أن الأمر يتعلق بالوقت، بل يتعلق بالأمل ، لأنه إذا قلت إنه في فترة خمس سنوات أو عشر سنوات يمكن أن يكون ذلك، إذا كان الوضع سيكون أفضل، فإن الناس صبورين في منطقتنا. والمشكلة هي إذا أخبرتهم  أنني لا أرى أي ضوء في نهاية النفق ، هذه هي المشكلة. لذلك فان المسالة ليست كونه أسرع أو أبطأ وأعتقد أن أسرع يمكن أن تكون جيدة ولكنها قد تكون سيئة ، أسرع يمكن أن يعني المزيد من الآثار الجانبية، أبطا لا يمكن أن تكون جيدة ولكن يمكن أن يعني آثار جانبية أقل. وهكذا ، كل شيء له مزايا وعيوب. علينا أن نكون واقعيين ، كلاهما جيد.
هل تشعر وكأنكم تسيرون بالسرعة المناسبة؟
الرئيس الأسد : عليك أن تتحرك. وهذا هو سبب قولي ما دام لديك المياه المتدفقة ليس لديك ركود وليس لديك تلوث. وهكذا، التدفق بسرعة أو ببطء: كل واحد له مزايا. هذه هي الطريقة التي ينبغي لنا أن ننظر إلى الأمر بها  أكثر من القول كم سرعته. لا اعتقد أن السؤال هو عن السرعة ؟ بل هل تتحرك أم لا ، هذا هو السؤال.
وهل يمكن وضع مسألة حقوق الإنسان في هذه المؤسسات؟
الرئيس الأسد : نعم. بالطبع ينبغي أن يكون جزءا منه ولكن في النهاية حقوق الإنسان هي كيف.... عندما أتحدث عن المجتمع ، وكيف كل مجتمع يفهم  مسألة حقوق الإنسان وفقا لتقاليده ، لأنك تتحدث عن منطقة أيديولوجية ، تتحدث عن آلاف السنين من التقاليد، لا يمكنك أن تفعل أي شيء بشأن ميثاق الأمم المتحدة ، ينبغي أن يكون الأمر متعلقاً بميثاق هذه الثقافة. ولهذا أنت تحتاج لهذه المناقشة ، إنها ليست شيئا أتيت به . أنت تحتاج لحوار وطني وتحتاج أن تفهم أنه في هذه المنطقة لديك -- التنوع الكثير -- وأنا لست أتحدث عن الاستقطاب. في بعض الأحيان لديك ثقافتان مختلفتان تعيشان في نفس المكان وليست ثقافة واحدة ، إذا لديك الكثير من الثقافات.
اعتقد انه يمكنكم الإشارة إلى أنكم تتحركون في حوار وطني، أليس  حوارا وطنيا، ما هي الأشياء الثلاثة التي يمكن أن تشيرون لها أولا و ما الذي يجري في سورية؟
الرئيس الأسد : هذا يعتمد على الأولويات. دعونا نقول أن الأولوية يجب أن تستند إلى عاملين : العامل الأول حيث يمكنك التحرك على نحو أسرع ، والعامل الثاني هو الذي أكثر إلحاحا؟  إنه أكثر إلحاحا بالنسبة للشعب؟ عندما أصبحت رئيسا كان الاقتصاد هو الأمر الأكثر إلحاحأً لأنك أينما كنت تذهب هناك فقر والوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم، ونحن لدينا خمس سنوات من الجفاف وهذه هي السنة الخامسة حيث أننا لا نملك ما يكفي من المياه وبذلك ، سيكون لدينا إنتاجا أقل من القمح . لقد اعتدنا تصدير القمح والقطن كل عام لكن هذا العام لدينا مشاكل وسيكون لدينا هجرة. هذا العام ثلاثة ملايين سوري من أصل 22 مليون سوري سيتأثرون بالجفاف و هكذا فهذه هي  أولويتنا الآن.
صحيح ، لأنه يمكن للاقتصاد التحرك بشكل أسرع
الرئيس الأسد:
و لكن بعد أحداث 11 أيلول , أي بعد أن أصبحت رئيسا لسورية  بسنة واحدة و ثم في بداية عام 2002 كان غزو أفغانستان و بعدها غزو العراق ثم الفوضى و التطرف الذي نتج بسبب هذه السياسة الخاطئة, و أصبحت  أولى  أولوياتي الاستقرار حتى قبل الغذاء. و لذلك أنت تغير الأولويات وفق الظروف. و هكذا يصبح الاستقرار أولا , كيف تستطيع أن تجعل بلدك مستقرا: كيف  تستطيع أن تمنع مجتمعك من التطرف: كيف تستطيع محاربة الإرهاب لان لديك خلايا نائمة في كل مكان في هذه المنطقة. ثانيا: الاقتصاد, هذه هي الأولوية الملحة  الثانية. ثالثا, يمكن أن يصبح لدينا كل شيء أخر . و هكذا, الإصلاح في السياسة مهم و لكنه ليس هاما و ملحا بقدر أن الناس تستيقظ كل يوم و يريدون أن يأكلوا, أن يتمتعوا بصحة جيدة , أن يرسلوا أولادهم لمدارس جيدة. هذا هو الذي يريدونه. أنا أريد أن اشعر بالطمأنينة في بلدي . هذا هو هدفي.
لديكم وضع مستقر بشكل معقول بالقدر الذي يمكن حصوله  في الشرق الأوسط, برنامجكم الاقتصادي يستمر قدما, إذا هل ستحتل موضوعات  الإصلاح السياسي و حقوق الإنسان الصدارة حالا؟
الرئيس الأسد: بالتأكيد, أنت تتقدم , نحن فعلنا ذلك, و لكن أنا أتحدث عن الأولويات, ذلك لا يعني لاحقا,  أنا أتحدث عن العمل  بالتوازي و لكن أيهما الأسرع و أيهما تركز عليه أكثر. مثلا, إصلاح الإدارة المحلية هام جدا قبل القانون. نحن جعلناها الأولوية رقم واحد لان هنا حيث ينتخب الشعب, الآن يستطيعون انتخاب مجالس  بلدياتهم , و لكننا نريد تعديل هذا القانون ليصبح أكثر ديمقراطية و أكثر فاعلية لان الناس في كل مكان يتعاملون أولا مع مجالس بلدياتهم. و هكذا هذا الموضوع رقم واحد.  في الواقع, نحن أجلناه بسبب الصراع . لقد اتخذنا القرار في عام 2005 في احد المؤتمرات الحزبية. في ذلك الوقت بدأ الصراع من قبل فرنسا, بريطانيا, الولايات المتحدة و آخرين في محاولة لزعزعة استقرار سورية. نحن قلنا : حسنا, دعونا ننسى ذلك لدينا شيء جديد . الآن, نحن جادون جدا لإنهائه.  الأمر الأخر هو المجتمع المدني, نحن بحاجة لتحسين المجتمع المدني. الآن نحن بصدد إتمام قانون المجتمع المدني. نحن نناقش هذا القانون لأكثر من عامين, لماذا؟ لأننا ذهبنا إلى كل مكان من الغرب إلى الشرق لنرى أفضل نموذج يمكن أن نستخدمه, و في الحقيقة بعد أن أنهيناه, أعطى  الكثير من الأشخاص من المجتمع المدني ملاحظاتهم و قالوا يجب تغييره, و الآن نحن نعمل على تغييره.
هذان هما الموضوعان اللذان تريد على الأرجح رؤيتهما هذه السنة؟
الرئيس الأسد: ليس هذه السنة. لا اعرف إذا كان بإمكاننا أن ننجز الإدارة المحلية هذه السنة لأنه مثلا استغرقنا 5 سنوات لتغيير قانون العمل لأننا نملك اتحادات قوية في سورية. هم اعترضوا و رجال الأعمال اعترضوا و قد استغرقنا 5 سنوات حتى صغناه السنة الماضية. ذلك لم يكن سهلا, ثم أحيل إلى مجلس الشعب و كان هناك الكثير من المناقشات حوله . أتوقع أن نصوغ قانون الإدارة المحلية في نهاية هذه السنة.أما قانون المجتمع المدني فكان من المفترض أن ينتهي السنة الماضية و لكن لأننا أردنا إجراء المزيد من الدراسات مع مختلف الأطراف, قلنا حسنا دعونا نؤجله للسنة المقبلة.
ذلك يمنح المنظمات غير الحكومية و المنظمات الأخرى  بشكل أساسي دورا اكبر ؟
الرئيس الأسد: لدينا اقل من 2000 منظمة غير حكومية في سورية و لكننا نريد أن نجعله قانونا  أكثر فاعلية حتى يصبح لدينا منظمات غير حكومية  أكثر , اقل بيروقراطية و أشياء مثل ذلك.
لقد أجلتم القانون للسنة المقبلة, هل تقصد من العام 2010 حتى عام 2011؟
الرئيس الأسد: في الحقيقة, كان من المفترض أن يكون في كانون الأول, فإذا عندما نتكلم عن العام المقبل فهذا يعني شهر أو شهرين.
إذا فالعام لتنفيذه هو العام الحالي؟
الرئيس الأسد: في الحقيقة, كان من المفروض أن يتم السنة الماضية , و الآن يمكن أن ينتهي الشهر المقبل. الآن نحن في بداية شهر شباط. في بعض الأحيان , الموضوع لا يتعلق بالوقت لان الكثير من الناس يريدون المشاركة و هذا جيد, و في بعض الأحيان نقول دعونا نؤجله لأنه عندما يكون لديك الكثير المشاركين فإنهم سوف يدعمونه. إذا قمت بعمل ذلك بمشاركة اقل فإنهم سوف يهاجمونه. لذلك من الأفضل أن يكون هناك إجماع, هذا مهم جدا للاستقرار. انه احد أهم المبادئ  , كلما كان لديك إجماع أكثر حول كل شيء كلما  حصلت على استقرار أكثر و تقدمت للأمام بهدوء اكبر و هذا يعني  سيكون لديك أعباء أكثر و بالتالي أبطئ و لكن أكثر استقرارا. هذا كيف نرى الوضع.
هل هناك أي تغيير في مجال وسائل  الإعلام ؟ اعلم انك تحدثت عن ذلك .
الرئيس الأسد: نحن نتحدث حاليا عن نظرة جديدة لوسائل الإعلام و بالطبع أزلنا بعض العقوبات لأننا في بعض الأحيان نقوم بأشياء رئيسية و نقوم بعملية تصحيح بشكل مؤقت حتى نجد الشكل الجديد. لذلك نحن لا نريد التوقف, نحن في سورية ديناميكيون جدا. نقوم بالأشياء الصغيرة , و لكن عندما يكون لدينا رؤية واضحة نعمل أشياء كبيرة, إصدار قانون أساسي لنغير كل شيء. في بعض الأحيان لا نملك هذه الرؤية فيما يخص موضوعا ما – الفرق بين و سائل الإعلام  و مواقع الانترنيت و المواقع الجديدة. لذلك أجلته –قانون النشر. ليس واضحا بالنسبة لنا ما الفرق بين النشر و التجارة الالكترونية , إلى أخره.
خطتك للخمس سنوات طموحة جدا. هل تعتقد انه بإمكانك تحقيق هذه الأرقام بالنسبة للنمو الاقتصادي  مع العقوبات و كل شيء؟ 6-7% في السنة.
 الرئيس الأسد: إنها 5%. و لكن الموضوع لا يتعلق بالأرقام على أية حال, لأننا جربنا الأرقام و كان لدينا دائما أرقام أفضل في مختلف الظروف خاصة فيما يتعلق بسورية, و الموضوع كيف تجعلها شاملة, هي ليست شاملة لأنها لا تملك إدارة جيدة. نحن نحسن الإدارة لكنها ليست جيدة كما ينبغي أن تكون لتجعل هذا الرقم شاملا.
و هذا يعني الوظائف بشكل أساسي؟
الرئيس الأسد: نعم , بالتحديد, لأننا ألان في البداية لدينا القليل من الناس الذين لديهم هذه الأرقام, و هذا طبيعي في البداية. نحن نتحدث عن الملايين و الملايين, لدينا بعض المئات الذين استفادوا أكثر من الآخرين, في الماضي , كان من العادة أن يكونوا اقل, اقل بكثير. حاليا كيف نجعلها شاملة ذلك هو التحدي و أنت لا تستطيع أن تجعلها شاملة إذا لم تطور الإدارة. و لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار  أن 60 %  من مجتمعنا  فلاحين و بذلك فان  تقريبا 60% من اقتصادنا سوف يعتمد على المياه. لذلك عندما يكون لديك نقص في المياه سوف يكون لديك نقص في النمو. تعلم أنني كنت طبيبا و أتذكر انه في عام 1992 احد أصدقائي الذين تخرجوا من كلية الطب ذهب لمنطقة زراعية و عاش هناك, أتى لزيارتي, و سألته "كيف حال عملك", قال لي" ليس جيدا لأنه ليس هناك مطر", قلت " كيف ذلك؟, أنت طبيب..." قال " لأنه ليس هناك مطر فان الكثير من الناس يؤجلون حتى عملياتهم للسنة القادمة. وهكذا تستطيع أن تتخيل كم يؤثر المطر على كل ناحية من  اقتصادنا. و لذلك فان أربع سنوات من الجفاف  قد أثرت على اقتصادنا  على نحو مثير . لهذا السبب من الصعب أن أقول أن لدي خطة واضحة في كل شيء. كما ترى هناك الكثير من العوامل المعقدة التي تؤثر بك.
يمكنك أن تقول أن تركيا حاليا  هي اكبر شريك اقتصادي لكم. اعني انه يبدو أن تركيا هي  تشكل نموذج للاستثمار.
الرئيس الأسد: إنها النموذج لأنه لدينا نفس المجتمع و نفس العادات. إنها نموذج... في النهاية ليس لديك نموذج كامل لتتخذه ككل, و لكن بعض العناصر منه لأنه في النهاية اعتاد الغرب على دعم تركيا, و الآن الغرب يقف ضد تركيا. لديهم تكنولوجيا أكثر تطورا و ليس لدينا تكنولوجيا... نحن لا نتحدث عن الإصلاح بل نتحدث عن التكنولوجيا أيضا. ليس هناك إصلاح بدون كفاءات عالية المستوى. جامعاتنا كانت تحت الحظر, فكيف يمكنني أن املك الموارد البشرية ؟ لديهم أفضل الموارد البشرية. في النهاية يجب أن تنظر إلى كامل مسار الأحداث و كامل السياق. لا نستطيع أن نتعامل معها كما هي اليوم, تركيا اليوم و سورية اليوم إنها ليست اليوم.
هل التكنولوجيا هي أسوء جزا من العقوبات الأمريكية ؟ 
الرئيس الأسد: لا,  في الواقع هناك ما هو أسوأ من التكنولوجيا .لدي احد أصدقائي عمل في الولايات المتحدة لأكثر من 12 عام و يملك مختبر طبي و هو لا يستطيع  أن يستورد المواد الأولية لمختبره . ذلك يؤثر على حياة الناس إذا لم يكن لديك المعاير الصحيح للتحاليل المختبر مثلا. ذلك يعني انك تعطي نتائج خاطئة للناس. أنت تشخص إصابة بالسرطان لشخص ما في حين انه لا يعاني منه. ما الذي فعله الناس للولايات المتحدة ليستحقوا ذلك ؟ وفيما يتعلق بالطائرات ، ما شأن السياسة بالناس الذين يقضون بسبب حوادث الطائرات . لكن من وجهة نظر أخرى نحن أسرع قوة نامية من حيث عدد مستخدمي الانترنت في الشرق الأوسط وهذا يرجع لطبيعة السوريين ، فهم شعب منفتح عموما على المجتمع يريدون التعلم وهم ناجحون، لدينا مغتربين حول العالم وكنا على تواصل مع كافة أرجاء العالم منذ 150 عاما على الأقل أكثر من أي بلد أخر في الشرق الأوسط وعدد المغتربين لدينا أعلى من أي بلد أخر في المنطقة ، عدد اللاجئين الفلسطينيين هو 5 ملايين في حين أن عدد المغتربين السوريين بالحد الأدنى الذي نعرفه هو 10 ملايين وهو يشكل ضعف العدد والبعض يقول أن عدد المغتربين السوريين هو 18 مليون لذا يمكننا أن نفهم وجود التنوع الثقافي داخل مجتمعنا كما ونملك هذا التواصل مع بقية أنحاء العالم. لذا لا يمكننا أن نقول أن هذا الحظر كان يقتل سوريا .كلا, انه يؤثر قطاعات معينة من الناحية الإنسانية . في النهاية يمكنك الحصول على هذه المواد من السوق السوداء... اعتاد على شراء المواد من الولايات المتحدة وهذا العام اشترى المعدات والمواد من فرنسا فعلى سبيل المثال, هو لم يشتريهم من الولايات المتحدة. اشترينا مؤخرا طائرتين، ليستا بالكبيرتين، بمراوح من فرنسا في نهاية المطاف لم نشتريهم من الولايات المتحدة. العالم يتجهون بشكل اكبر نحو أوروبا و الآن يمكنك أن تشتري من الصين ويمكنك أن تشتري من الهند و ألان نحن انتقلنا بهذا الاتجاه ، اتجهنا نحو الشرق اعتدنا على النظر نحو الغرب الآن ننتقل نحو الشرق وهذا أمر هام ونحن لسنا الوحيدين حتى الدول التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، حتى حلفائهم، ليسو متأكدين أن الولايات المتحدة ستساعدهم في يوم ما، أرادوا أن ينوعوا مصادرهم وعلاقاتهم ومصالحهم وكل شيء. يريدون أن يقيمون علاقات جيدة خصوصا مع الصين والهند.       


الوطن أونلاين - وول سترييت جورنال

ليست هناك تعليقات: