Powered By Blogger

الاثنين، مايو 16، 2011

فوائد البطاطا

حقائق طبية عن فوائد البطاطا 

على الرغم من ارتباط اسم البطاطا بسمعة سيئة خصوصا فيما يتعلق بدورها في زيادة الوزن، وتراكم الشحوم في الجسم، إلا أن الباحثين في معهد نورويتش للبحوث الغذائية أكدوا أن لها فوائد صحية أكثر مما كان يعتقد بعد أن تبين أنها تحتوي على مواد كيميائية تساعد في تقليل ضغط الدم الشرياني العالي.
وأوضح العلماء أن المركبات الكيميائية المفيدة تعرف باسم "كوكوامينز" وتتواجد في أنواع كثيرة من البطاطا وقد تم اكتشافها أثناء دراسة الثمار المعدلة وراثيا والثمار العادية لمقارنة تركيبها الكيميائي.

وقال الخبراء أن سلق البطاطا أفضل من قليها للمحافظة على فوائدها الصحية ومركباتها الطبيعية التي لا تقلل ضغط الدم العالي فقط بل تساعد أيضا في علاج مرض النوم المنتشر في أجزاء واسعة من أفريقيا مشيرين إلى أن نفس هذه المركبات تتواجد أيضا في الأعشاب الصينية التي أثبتت فعاليتها في العلاج.

كما أثبت بحث حديث فعالية مسحوق مصنوع من البطاطا العادية في تحفيز تخثر الدم وإغلاق الجروح المفتوحة ومنع النزيف والسيطرة على مضاعفات العمليات الجراحية.

وأوضح الأخصائيون أن هذا المسحوق يعمل كإسفنجة تمتص الدم عند وضعه على الجرح ويحفز آليات التخثر الأولية إلى أن تكتمل العملية الطبيعية كلها ويتوقف النزيف ثم تعمل أنزيمات الأميليز على تذويب المسحوق والتخلص منه مشيرين إلى أنه فعال جدا ولا يترك آثارا جانبية.
 
كما أكد فريق بحثي من علماء كيمياء المركبات الطبيعية والكيمياء العلاجية
بالمركز القومي للبحوث ان البطاطس أوالبطاطا تحتويان علي مركبات مضادة للأكسدة
والسلنيوم والحديد والمغنسيوم والبوتاسيوم والعديد من العناصر المعروفة بتأثيرها
كمحسنات للمناعة كما تبين تأثير البطاطا الفعال والواضح
في رفع المناعة للمصابين بالبلهارسيا وحماية الكبد.
ويساعد في السيطرة علي مضاعفات العمليات الجراحية كما تبين النشاط القوي لأوراق البطاطا في تثبيط ومكافحة بعض أورام المعدة والقولون
وتعمل كخافض لكوليسترول الدم والسكر وعلى جانب آخر كشفت دراسة أخرى
عن ظهور تحسن بمستوي المناعة الجسمانية وزيادة التأثير لأكسدة الخلايا للاعبي
كرة السلة بعد تغذيتهم علي أوراق البطاطا لمدة أسبوعين خلال فترات التدريب.

فوائد عصير العنب


العنب يقى من النوبات القلبية
وجد الباحثون أن العنب يمكنه أن يخفض من الإصابه بالنوبات القلبية، كما أنه يخفض من ضغط الدم ويحسن من وظائف القلب، ويرجع ذلك إلى المواد الكيميائية النباتية الموجودة فيه والتى تقوم بإنشاء المواد المضادة للأكسدة.

فوائد عصير العنب



أن عصير العنب الخالي من الكحول شرابا مفيدا للقلب وصحته إذ يؤدي إلى رفع مستوى الكولسترول الجيد.

واجريت دراسة، قدّم للمشاركين خلالها نوع من عصير العنب ليشربوه بالتناوب مع عينة من عصير آخر مختلف لمدة 14 يوما لكل نوع .

وارتفع مستوى الكولسترول الجيد بصورة واضحة لدى المشاركين الشاربين لعصير العنب حسب التقرير الذي أورده الباحثون .

هذا ومن جانب آخر، ومثلما هو فعال في تقليل مخاطر إصابة النساء بسرطان الثدي، فقد أثبت عصير العنب الأحمر فعاليته

أيضا

في وقاية الرجال من سرطان البروستات.. هذا ما توصل إليه العلماء في مركز فريد هاتشينسون لبحوث السرطان.

ووجد الباحثون ان شرب كأس من عصير العنب الأحمر يوميا قلل خطر إصابة الرجال بالمرض

هذا ومن جانب آخر، وعلى ذمة الأبحاث الغربية فقد اكتشف الباحثون مادة كيماوية فى
(عصير العنب الأحمر)
تشبه في عملها

تأثير الأغذية المحدودة السعرات في إطالة العمر.

هذا المركب سيستخدم يوما ما في تأخير الإصابة بالأمراض بسبب التقدم في السن بين بني البشر
استغفار - 004

أطعمة و مشروبات تحرق الدهون

أطعمة و مشروبات تحرق الدهون 

ليست الرياضة وحدها التى تحرق الدهون وتعيد الرشاقة الى الجسم فهناك الوسائل الطبيعية لحرق الدهون من أغذية وأعشاب لها دور مساعد فى حرق دهون الجسم فهذه ليست خرافة بل هناك دراسات حديثة أثبتت أن هناك أنواع من الطعام لحرق الدهون فقد نشرت فى مجلة فام اكتويل قائمة من 20 صنفا من الطعام تساعد على حرق الدهون فى الجسم, كما أن هناك بعض الأطعمة التى تساعد على تخسيس الوزن وتساعد فى إنقاص الوزن بديلا عن أدوية التخسيس التى تساعد على الاحساس بالشبع وتثبيت الشهية هناك أيضا أغذية تساعد على حرق الدهون بديلة عن أدوية التخسيس التى تساعد على حرق الدهون مع العلم أن هذه الأطعمة ليست وحدها تساعد فى انزال الوزن الزائد بل يجب عمل نظام غذائى قليل السعرات وممارسة الرياضة بانتظام الباذنجان يحرق الدهون بسبب أليافه التى تحتوى على مادة البكتين التى تلعب دورا فى حرق الدهون الطبيعية فى الجهاز الهضمى ثم تأتى السبانخ التى تحتوى على مركب يزيد من استهلاك السكر فى الجسم كما يخفض مخزون الفلفل الأصفر والأحمر والأخضر والجزر والتفاح وكذلك الكرنب الغنى بفيتامين سى وأنزيمات تساعد على حرق السكر فى الجسم والتونة والخل الأبيض والدجاج الأبيض والديك الرومى والتوت ونبات الكرفس الذى يحتوى على فيتامينى سى وبى وأخيرا القرفة الليمون خاصة عصيره الذى يخفض بنسبة 30 % من السكر فى الدم تناول ليمون بقشرة على الريق أو إضافة الليمون والزعتر للوجبات , ورق الكرنب المغلى ويشرب 2 -3 مرات أو إضافة الكرنب للسلطة طبق السلطة الكبير قبل الوجبات والجزر المبشور قبل الوجبات اللفت النيئ أو المسلوق بين الوجبات والبقدونس بعد الوجبات الجريب فروت يعد غذاء جيدا لإنقاص الوزن حيث تساعد الجسم على التخلص من الدهون الزائدة وعلى زيادة حرق السكريات والنشويات والتخلص من الماء الزائد بالجسم ومدر للبول ويفضل تناول الجريب فروت كثمار حيث إن تناوله في صورة عصير يبطئ من سرعة مفعوله
 
 
 
 
 
 

 
 
 
نعم هناك أطعمة يمكن أن تساعدنا على تحفيز نظام الأيض وبالتالي حرق السعرات الحرارية والدهون، ولكنها ستعمل بالطبع إذا تمت من خلال نظام غذائي فعال وبرنامج لتخفيف الوزن. 1. التفاح:هل تذكر المثل القديم: "تفاحة في اليوم تبقي الطبيب بعيدا" حسنا، ليس الطبيب فقط ، ولكن الغرامات الزائدة ايضا.
يحتوي التفاح على نسبة مئوية أعلى من البكتينِ، وهو ليف قابل للذوبان.
2: الثوم:الثوم أحد الأطعمة الأكثر فاعلية في حرق الدهون. يَحتوي الثوم على مركّب allicin...
ودمتم برعاية الله وحفظه
 
 
 
يا نفس كفي عن العصيان واكتسبي           فـعــــلا جميلا لعــــل الله يرحمني
 يا نفس ويحك توبي و اعملي حسنا          عسى تجازين بعد الموت بالحسن  

الجزر ملك الخضار طبيب الأبصار


ملك الخضار الجزر طبيب الأبصار ، تعال معنا إلى جولة شائقة في منجم غني بالفوائد اسمه الجزر ، الجزر عسقولي من الفصيلة الخيمية ، وهو ثنائي الحول وله عدة ألوان أرجواني ، وأرجواني محمر ، وأصفر ، وقريب من الأبيض . وكلما كان الجزر أكثر احمراراً دل ذلك على زيادة محتواه من مادة الكاروتين التي يحتاج إليها الجسم بمقدار واحد ونصف ملغم يوميا .
عُرفت فوائد الجزر منذ قديم الزمان ويذكر إن الطبيب الأفريقي آرتيه الذي عاصر المسيح عليه السلام استخدم الجزر في علاج الهستيريا والاهتياج النفسي و الانهيار العصبي وأثبت العلم الحديث صحة هذا العلاج وذلك لأن الجزر غني بفتامين ( أ ) المعدل لمفرزات الغدة الدرقية يحتوي الجزر على نسبة عالية من الكربوهيدرات التي تتكون بصورة أساسية من ( السكروز والجلوكوز والفركتوز بالإضافة إلى السيليلوز والليجينتين والمواد البكتينية الأخرى ) كما أنه غني بالمواد البروتينيه والأحماض الأمينية ويحتوي على كمية كبيرة من الأملاح القلوية التأثير كأملاح البوتاسيوم وفيه كمية قليلة من أملاح الصوديوم والكالسيوم والبورون واليود وغيرها . ويحتوي أيضا على فيتامينات كثيرة أهمها : أ- ب - ب2 - ب6 – ج – و - د ، ويتـمـــــيـــز بنسبة عالية من فيتامين Pp الذي يندر أن يوجد في غيره من الخضروات.
ولقد أطال الأطباء القدامى في شرح فوائد الجزر ومن أهم المواد التي يتميز بها الجزر مادة الـكاروتـيــن التي يعزى إليه اللون البرتقالي ولهذه المادة فوائد عديدة وأكيدة منها أنها تنشط عملية تجديد الأنسجة والخلايا فهي مفيدة في إزالة التجاعيد من الوجه والجبهة ومنع رخاوة الجلد وتستفيد منها النساء في جعل البشرة أكثر صفاء ونقاء وفي تقوية الشعر والأظافر كما يستفيد من مادة الكاروتين الطيارون وسائقوا السيارات لأنها تصفي الرؤية وتحد البصر كما أنه يفيد الذين يعتمدون على عقولهم في أعمالهم لأنها تقوي العيون ، ويشفي الجزر بنجاح من المرض الأسيتونيمي ( وهو زيادة نسبة الأسيتون في الدم ) وهو مفيد أيضا في حالات فقر الدم والضغط المرتفع وهو أيضا يحفظ جدران أجهزه الهضم ويضمده ويوقف النزيف ويزيد إفراز الصفراء ومقوٍ جيد للمناعة الطبيعية.
طريقة تناوله يجب الحرص على عدم تقشير الجزر في جميع طرق طبخه وذلك لان كثيرا من المواد الغذائية تتركز في القشرة وإذا كان الجزر غير طازج جدا فيفضل تقطيعه إلى دوائر قبل طبخه وفي جميع الأحوال يجب أن نعلم بأن الجزر النيئ أسرع وأسهل هضما من الجزر المطبوخ خلافا لما يعتقده الكثير من الناس.
أثبتت عدد من الدراسات الطبية أن تناول الجزر بانتظام قد يساعد في حماية الجلد من الآثار المؤذية لأشعة الشمس ، وتمكنه من استعادة عافيته بسرعة. وأوضح خبراء الصحة الجلدية ، أن الأطعمة الغنية بفيتامين (أ) تتمتع بآثار وقائية وشافية وخاصة ضد تلف الجلد المتسبب عن التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية ، لذلك فقد تكون عاملا مهما في منع الإصابة بالأورام الجلدية. ويرى بعض الخبراء أنه على الرغم من أن واقيات الشمس تمنع الإصابة بالحروق الشمسية ، إلا أن هذه الحماية تكون متأخرة ، لأن التلف الذي يؤدي الى سرطان الجلد يتسبب في مرحلة الطفولة أو في الوقت الذي يبلغ فيه الإنسان سن الثامنة عشرة.


وقد أظهرت الدراسات أن 80 في المائة من تلف الشمس يحدث في أواخر مرحلة المراهقة ، ولكن الآثار المرضية للتعرض للأشعة فوق البنفسجية لا تظهر إلا بعد مرور عدة سنوات ، مما دفع العلماء الى البحث في كيفية تغير الإصابة بسرطان الجلد والشيخوخة بين الوقت الذي يحدث فيه التلف الأولي في مرحلة الطفولة أو في المراهقة ، وظهور السرطان في مراحل الحياة اللاحقة. وقال الباحثون أن بالإمكان منع حدوث هذا التلف بالمواد الكيميائية الطبيعية كفيتامين (أ) وبيتا- كاروتين التي تعد من أكثر المواد فعالية وقوة. ووجد هؤلاء في الدراسة التي تابعوا فيها 2300 مريض مصابين بآفات سرطانية أولية ، وجود انخفاض واضح في أعداد الخلايا السرطانية الجلدية عند الأشخاص الذين تناولوا كميات معتدلة من فيتامين (أ) لمدة خمس سنوات. التي أثبتت فعاليتها بصورة واضحة ، لا سيما عند الأشخاص المعرضين لخطر متوسط للإصابة بالمرض.
وفسر البروفيسور جيمس سبنسر أستاذ العلوم الجلدية في كلية ماونت سيناي الطبية بنيويورك أن مادة "بيتا-كاروتين " التي تتواجد في الجزر وبعض الخضراوات الأخرى تتحول الى فيتامين ( أ ) في الجسم ، ولها فوائد صحية أخرى ومنها تحسين الرؤية الليلية. وأشار الى أن فيتامين ( أ ) الذي يتواجد أيضا في الزبدة والمارجارين والحليب والجبنة واللبن والقشطة والبطاطا الحلوة والكوسا إضافة إلى الفلفل الأحمر والخس والبروكولي والسبانخ والطماطم والمشمش والدراق ، يعد من المواد القوية المضادة للأكسدة التي يعتقد أنها تعمل بإبطال آثار جزيئات الراديكالات الحرة الضارة التي تتلف المادة الوراثية في الجسم وتحفز ظهور الأورام السرطانية.
وكانت دراسة أخرى أجريت على البشر قد أظهرت أن تقليل تناول الدهون في الغذاء مع الاحتفاظ بالكمية الكلية من السعرات الحرارية ثابتة يقلل نمو الآفات السرطانية الأولية التي قد تظهر ويعطل تشكيل أورام جديدة.
و من جانبهم أكد أخصائيو الكيمياء في جامعة اكسفورد البريطانية أن فيتامين ( أ ) يساعد في منع الإصابة بالسرطان ، وهو ضروري للمحافظة على سلامة الجلد وصحة الأغشية المخاطية وللرؤية الليلية ، ونقصه في الغذاء يؤدي الى انخفاض الوزن وقصور النمو عند بعض الحيوانات والإصابة بأمراض العين والعشى الليلي ، وبشكل عام تزيد حساسية الجسم للإصابات والانتانات الجرثومية.
ويقول الدكتور عبد الباسط محمد سيد: كل من يتعالج من السرطان ينصح بمشروب الجزر يومياً ، حيث إن الجزر فيه مادتين الكاروتين والليكوبين ، وهما أقوى مضادات الأكسدة في العالم ، يعني يقاوم الأكسدة ، ويقاوم تدمير الحامض النووي المسؤول عن الوراثة في الجسم. ويتخلص كل الشوارد الحرة، والتي هي مركبات أوكسجينية تدمر أو تؤكسد الخلايا ، لأن الأكسدة هدم فيمنع الهدم. وأكل الجزر أفضل من عصير الجزر للإحتواءه على الألياف التي لها علاقة بالحركة الدودية للأمعاء.

كي نخلد في الحياة

حياة الأثر .. كيف نخلد في الحياة

للمرء حياتان في الدنيا:
حياة الإنسان في هذه الدنيا هي الفترة الزمنية الممتدة من ولادته إلى نهايته، وهو ما بينهما كادح يسعى لتحقيق أهدافه وغاياته، وقد تحسن فيحسن منقلبه وإيابه، وقد تسوء، فيسوء منقلبه وإيابه، {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه} ومهما طال عمره وامتد فهو فترة قصيرة جداً لو قارنتها بعمر التاريخ، ولكن هل هناك حياة أخرى يعيشها الإنسان في هذه الدنيا؟ وتلقي بظلالها على كدح الإنسان وسعيه؟ قد يظن الكثير أن وجود الإنسان في الدنيا مقتصر على حياته التي يعيشها فيها ولكن هذا ظن يخالفه الصواب، فوجود الإنسان في الدنيا له تعلق آخر بها سوى الحياة التي يعيشها فيها، وبعبارة أخرى وجود الإنسان في الدنيا له مرحلتان، ويمكن القول: إن الإنسان يعيش في الدنيا حياتين ولكن بلا أدنى ريب الحياتان متمايزتان ومختلفتان، فالحياة الأولى يعيشها بجسده وذاته، وهي التي قدر الله لها عمرا فيها، ولذا سأسميها حياة القدر، والحياة الثانية يعيشها بأثره وظلال أعماله التي فعلها في حياة القدر، وسأسميها حياة الأثر، وهناك فارق آخر بين الحياتين، وهو أن كل الناس يعيشون الحياة الأولى، ولكن ليس كل الناس يعيش حياة ثانية، فكثير يدخلون الدنيا ويخرجون منها ولم يتركوا فيها بصمة أو أثر، لم يفتقدوا إن غابوا أو حضروا، ولم يفرح بوجودهم ولم يبك لعدمهم، وهؤلاء من لم يعرفوا سر الحياة ومغزى الوجود، غير أن الحياتين متشابهتين في نقطة جوهرية ومهمة، ولها من الخطورة الأهمية البالغة، وهي أن الإنسان محاسب على حياتيه، وكلا الحياتين تخضعان لمبدأ الثواب والعقاب، ولهذا المعنى يرشد ويدل القرآن والسنة، فمن القرآن الكريم قوله تعالى: {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} فدلت الآية بصريح النص أن الكتابة للإنسان له وعليه والتي هي وثيقة الحساب تشمل مرحلتين: مرحلة ما قدم: وهي المرحلة التي كان فيها موجودا بالحياة بشخصه وجسده، أي حياة القدر.والمرحلة الثانية: مرحلة وجود آثاره في الحياة الدنيا وهي آثار أعمال المرحلة الأولى، وهذه المرحلة هي حياة الأثر.ومن حديث النبي صلى الله عليه وسلم دلالات كثيرة أكتفي بواحدة منها كما وردت في قوله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا" أخرجه مسلم في صحيحه. فالحديث يثبت لمن سن السنة الحسنة أجرين ولمن سن السنة السيئة وزرين، فأولهما: مقابل لما فعله هو من سن السنة، وهذا في حياة القدر، وثانيهما: مقابل لمن اقتدى بسنته وسار عليها، والاقتداء بسنته من ظلال عمله، وهذا في حياة الأثر.و إذا علمت أيها القارئ الكريم أنك محاسب على الحياتين فلا شك أنك ستهتم بهما، ولكن أي الحياتين أولى بالاهتمام؟ بشيء من التأمل تدرك أن حياة الأثر أولى وأهم للاعتبارات التالية:
1 –
أنها أطول بكثير من حياة القدر، مهما طال عمر الإنسان في حياة القدر فما أظنه يتجاوز بضعا من العقود، لكن حياة الأثر قرون وقرون إلى أن يعلن إسرافيل بصوره نهاية الحياة.
2-
حياة الأثر تدل على عظمة صاحبها والعكس، وتبرز حقيقته ومعدنه، لأن الإنسان في حياة القدر تحوطه كثير من الاعتبارات تغطي كنهه ومعدنه، فإذا مات زالت الاعتبارات وبقي المعدن، ورحم الله من قال: "تلك آثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا إلى الآثار". ولهذا فأصحاب الهمم العالية الطيبة، ومن يبتغي الربح في تجارته مع الله تعالى، تتعلق أنظارهم بأن يعيشوا حياة ثانية في الدنيا بآثارهم، كما قال شوقي رحمه الله تعالى:
 
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثوان
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها *** فالذكر للإنسان عمر ثان
 
نوافذ العبور إلى حياة الأثر:
وهنا يغدو السؤال المهم كيف لي أن أعمر حياة ثانية طيبة؟ أو كيف أجعل من حياة الأثر حياة مباركة؟ ويجيب على ذلك حديث النبي صلى الله عليه و سلم الذي يقول: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" أخرجه مسلم.فهذه ثلاث قنوات أو منافذ يلج الإنسان من خلالها إلى حياة الأثر.1- صدقة جارية:
وهي النافذة الأولى للدخول إلى حياة الأثر، والصدقة الجارية هي: تعبير عن كل مال يستخدمه صاحبه في مشروع خيري عام، وهنا لابد من التنبيه إلى مفهوم يتداوله الكثير من المسلمين ويروج له بعض الدعاة، وهو أن المال شر مطلق وخطر يجب الابتعاد عنه، وأن الإيمان والفقر أخوان حميمان ولا يبالون بالتدليل على ذلك بأحاديث الزهد، التي لم يوفقوا إلى فهما الفهم الصحيح، وهذا بحث متشعب لكن حسبي أن أقول هنا: إن المال عصب الحياة ولا يمكن لأمة فقيرة جائعة أن تحجز لنفسها مكانا في العالم، فمن يملك يحكم، وتأمل قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم}، وصدق جبران عندما قال: لا خير في أمة تأكل ما لا تزرع، وتلبس ما لا تنسج، وتشرب ما لا تعصر". ولذا لا بد من أن من التسلح بالمال لخدمة الرسالة وأهلها، ولعل من أهم وأجمل أنواع الصدقة الجارية الوقف، ذلك المعلم الرائع من معالم شريعتنا الغراء، والذي كان إلى العهد القريب أكبر رافد من روافد الحضارة الإسلامية، وعندما تطرق سمعنا كلمة الوقف يسرع إلى الذهن مفهوم الوقف إلى المساجد، ومع الاعتراف بأهمية بيوت الله ودورها في بناء الإنسان إلا أن الوقف إلى المساجد قد يكون أقل أنواع الوقف نفعاً للأمة، فلماذا لا تتوجه عناية المحسنين إلى الوقف على جهات مخصوصة للمسلمين، كالوقف على طلاب العلم، الذي يسهل سبل الدراسة والتحصيل العلمي للعاجزين عنه، والوقف على البحث العلمي الذي كثيرا ما يقف العجز المادي عائقاً عن متابعة ابتكار أو تحقيق نظرية علمية، والوقف على المرضى بشكل خاص أو مرض معين كالسرطان، حيث يستفيد من ريعه كل مبتلى ممن يسبق الفقرُ المرضَ إلى موته، والوقف على عزاب المسلمين الذين تلتهب الغريزة بين جوانحهم ولا يجيد طولا للعفة، والوقف على جمعيات القرآن الكريم، إلى غير ذلك من المشاريع التي تشكل قوة كبيرة في نهضة الأمة والتي لا تذهب آثارها بذهاب صاحبها، والخلاصة في هذا المحور أن الصدقة الجارية نافذة وأي نافذة للولادة في حياة الأثر. 2-  علم ينتفع به:
قد يعتذر عن القناة الأولى كثير من الناس، لأن الناس متفاوتون في الرزق، كما قال الشاعر:
 
والرزق كالغيث بين الناس منقسم *** هذا غريق وهذا يشتهي المطر
 
ولذا فليلتمس لنفسه عبوراً من النافذة الثانية وهي العلم النافع، وبعيداً عن الوقوف عند مكانة العلم وأهميته في شرع الله، أريد الوقوف عند تنكير كلمة العلم لنتبين منها شمولية الدلالة وعموميتها لكل أنواع العلم، وهذا على رأي أن النكرة في الإثبات تفيد العموم، ولعله الصواب، لكن حتى يخرج من دائرة العلم الذي يفوز صاحبه بحياة طيبة في الأثر، من حاز علما كان سببا في هلاك الأمة و ضلالها، قيد العلم بكلمة (ينتفع به)، وليت شعري ما أطيب هذه الحياة لمن تحقق فيه هذا الوصف فهو الخالد على مر الدهور، ألا ترى اليوم لو استغلقت علينا مسألة فقهية طرقنا باب الشافعي وأحمد، وعندما نحار في قضية لغوية نهرع إلى سيبويه وابن هشام، وعندما نريد التزود من الحديث نأوي إلى واحة البخاري ومسلم، فما ضار هؤلاء أن خرجوا من الدنيا بأجسادهم ما داموا فيها بآثارهم، لكن الخزي على من هو الدنيا بجسده وخرج منها قبل موته بأثره، ورحم الله من قال:
 
ماتت أناس وما ماتت فضائلهم ***  وعاش قوم وهم في الناس أموت

و كما قال غيره:
ففز بعلم تعش حياً به أبداً *** الناس موتى وأهل العلم أحياء
 
3- ولد صالح يدعو له: وربما لا يقدر البعض أن يلج إلى حياة الأثر من هذا الباب، فالله تعالى فاضل بين الناس في العقول كما فاضل في الأرزاق، لكن لن يجد عذرا من تخلف عن الثالثة، فلا أقل من تربية صالحة كما قال المتنبي:
 
لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
 
فالقيام بتربية الولد على الدين وإرساء قواعد الأخلاق ومكارمها في نفسه تجعل الولد أثراً طيباً من آثار أبيه، وكأني أشم من هذه الزاوية رائحة الدلالة على التربية السليمة الصحيحة، لذا فربما يجوز لي أن أفهم منها أن كل من ترك وراءه جيلا أرسى فيه قواعد الدين والخلق فإنه حي بأثره حياة طيبة.
معادلة الحضارة: ولتسمح لي قارئي الكريم أن أثير ذهنك قليلا وأطلب منك أن تفكر في سر تركيز النبي الملهم صلى الله عليه وسلم على هذه القنوات الثلاث، ولنتساعد سوية للوصول إلى المراد على حسب فهمنا، ألا ترى قارئي الكريم أن القناة الأولى (صدقة جارية) تشير إلى القوة الاقتصادية، إذ كيف يترك صدقة من لا مال عنده، وكيف يأتي المال من اقتصاد ضعيف، فهاهنا دعوة قوية لأن تمتلك الأمة قوة اقتصادية متينة، ومن ملك القوة الاقتصادية ملك الأساس للقوة العلمية والعسكرية والعمرانية وغيرها، ونحن نرى اليوم أصحاب القوة الاقتصادية كيف يتحكمون بمصير الأمم.والقناة الثانية (علم ينتفع به): يدل بوضوح تام إلى القوة العلمية والثقافية، وهي المرشد والموجه للقوة الاقتصادية فالمال بيد الجاهل كالسلاح بيد المجنون، والجهل واحد من أعداء البشرية الثلاثة (الجهل والفقر والمرض)، وقديماً قالوا: الجاهل يفعل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه.والقناة الثالثة (ولد صالح) تشير إلى القوة الأخلاقية والتربوية، فهي جمال القوتين السابقتين، فما قيمة المال والعلم إذا لم يثمرا الأخلاق والقيم الإيجابية، فقد يحققان مدنية ولكن لا يحققان حضارة إلا بثالثتهم، وواقع الغرب اليوم خير دليل.ومن هنا نجد أن معادلة الحضارة: علم ومعرفة + مال واقتصاد متين + قيم وأخلاق = حضارة.وباختصار هي: (عمق) ع: علم، م: مال، ق: قيم خلقية.
نهضة الأمة مسؤولية الجميع:
قد يظن البعض أن نهضة الأمة وإرساء الحضارة فيها مهمة منوطة بعنق فئة خاصة من الأمة، قد تكون العلماء على رأي البعض، ويرى البعض الآخر أنها الحكام، والحقيقة أن نهضة الأمة مسؤولية كل فرد فيها، من أرض القاعدة إلى رأس الهرم، ولعل هذا المعنى مشار إليه في الحديث السابق، فعندما يحث النبي صلى الله عليه وسلم كل فرد أن يبقيَ لنفسه أثراً بعد موته، ولا أثر يبقى إلا مما فيه نهضة الأمة وبعبارة أخرى عن من ينأى بنفسه عن خدمة أمته ولا يعيش إلا لنفسه، فذاك ميت وهو حي فضلاً أن يعيش حياة ثانية، فلا خلود في الدنيا ولا أثر إلا لمن عاش لأمته ودينه، وهذا هو العنصر الفعال في نهضة الأمة.
الخاتمة:
وأخيراً قارئي الكريم أريد من كل هذه الجولة أن أهمس في أذنك همسة بسيطة لأقول لك: الحياة لا تؤتى للإنسان إلا مرة واحدة، فاحرص أن تكون ناجحا في عبورها، وأن تكون حياة طيبة، وحذار من أن تكون صفراً على الشمال أو عددا لا قيمة له، والحذر كل الحذر من أن تدخل حياة الأثر دخولا سلبيا سيئاً، ترحل عن الدنيا بجسدك وتبقى آثارك تسوق لك اللعنات إلى برزخك، كمن أنقق ماله في معصية جارية أو لعنة مستمرة، أو من ترك وراءه علماً يُضَّل به، أو تربية منحطة تبقى شاهدة على بذاءة طبعه و تردي أخلاقه .
 بقلم: الدكتورأيمن هاروش

نجحت العملية لكن المريض مات

 " نجحت العملية لكنّ المريض قـد مات  "

عندما قرأتُ منذ عقدين من الزمن إحدى الروايات العربية المصرية التي كـُتبت في النصف الأول من القرن الماضي كنت أبتسم أحياناً وأضحك أحياناً أخرى من جهل وتخلـّف المريض الصعيدي وأهله الغلابة ومن استغلال ذلك الطبيب المصري لأهل المريض في إحدى مشافي المدينة " القاهرة " المحشوّة بالمرضى المكدّسين على الأسرّة ، من غير توّفر علاج حقيقي لأسهل الحالات المتفشية عندهم .
تلك المشافي المكدّسة بالموظفين من أطباء وممرضين وإداريين ، دون نتيجة عملية وفعلية تـُذكر ، ودون أي نجاحات علمية يفتخر بها الفريق الطبي والإداري المسيطر على المستشفى ، بل كانوا مجرّد موظفين يتقاضون رواتبهم آخر كل شهر ثمناً لوقتهم الضائع ، ويستغلون مرضاهم ، الجهلاء بأبسط الأمور ، من غير رحمة أو شفقة أو إنسانية ، والفريق بمجموعه يعمل من أجل استغلال ذلك المواطن البسيط المسكين الجاهل الفقير والمُعدم .
وكنا نستغرب مدى حماقة ذلك المواطن البريء وكيف يُخرج ما في جيوبه مصدّقاً طبيبه صاحب الشهادة العالية والاختصاص الطبي الخارق التي جاء به واستورده من إحدى الجامعات الأوروبية أو الأمريكية ليعالج بها المواطنين من أهل بلده ، وليـُنهي مشاكلهم الصحية المتفشّية . فقد وضعوا له التشخيص وهيّاؤوا له الحلول ، كلّ  الحلول السخيفة الممكنة والغير ممكنة ، وأفهموه : بأنّ الشفاء شبه مستحيل إلا بالرجوع إليهم لاستشارتهم ، وأنّ إجراء أي عمل جراحي للمواطن المغلوب على أمره أمر ليس بتلك السهولة ، إلا في حال وجود أحد من عناصرهم ضمن الفريق الجراحي .
وبغضّ النظر عن النتائج ، ليست المشكلة هي نجاح العملية أو فشلها إنـّما الأهم من كلّ ذلك أن يـبقى الفريق بنظر مرضاه ، إعلامياً على الأقل ، فريقاً ناجحاً ومتميّزاً . ويجب أن يكون المخطـّط الرئيسي والمشرف على العملية لبقاً حذقاً محترفـاً في جميع فنون الإقناع ، ومدركاً لجميع الطرق التي تصل به إلى الهدف المنشود ، فالغاية عنده تبرّر الوسيلة ، وإذا كان الحساب معدوم والمحاسب مشغول والرقيب مفقود والقضاء معطـّل فعند إذن سيبقى ذلك الفريق الخبيث يفعل كلّ المحرمات ، قبل فعل المباحات ، حتى يـُشبع غروره ويُـلبي أطماعه .
تلك حال معظم شعوبنا العربية مع كل فريق يتصدّر في الواجهة ويقدّم نفسه على أنه مدبّر حلوم الذي وحده يمكنه حلّ جميع مشاكل المجتمع ، و دون الرجوع والاستفادة من خبرات ونصائح غيره من الآخرين ، ممن يتشارك معهم العيش والمصير المشترك . نعم تلك هي مشكلة المشكلات في بلادنا العربية ، مشكلة كبيرة لم تتجرأ أي حكومة على الاعتراف بها والإقرار بحقيقتها .
ومشكلة مجتمعاتنا العربية أنها ابتليت بحكومات نصّّبت من نفسها حكماً على شعوبها وخصماً لها في آنٍ واحدٍ معاً ، من غير إرادة جماهيرية واقعية واسعة ، وجعلت من نتائجها الاقتصادية ، والسياسية أحياناً ، والمخيبة لآمال شعوبها غالباً ، الأضحية التي تتقدّم بها قرباناً للاستمرار والهيمنة ، وادّعت أنّ كلّ هذا التعثـّر في خططها الخمسية سـببه تخلـّف المجتمع ، وسـببه امتداد السيطرة الاستعمارية التي لم تترك حكوماتنا المجتهدة لتعمل بحرية . بينما السـبب هو تواجد أطراف أخرى من المجتمع ، مغـيّبة كلياً عن الساحة ، تنادي بالمشاركة والتشارك لتقديم خبراتها وما عندها لخدمة مجتمعها ، ويظنُّ الفريق الاقتصادي أنّ نداء تلك الأطراف المتخافت أحياناً ، والمستمر منذ عقود ، يعيق حركة تطوّر هذه الحكومات ويوقف مسيرة نجاحاتها المتعدّدة ، ويصرفها عن الهدف الحقـيقي المنشود .
ما أشبه ذلك الفريق الطبي في مشافي المدينة " القاهرة " بحكوماتنا المستعربة ، وما أشبه ذلك المواطن الصعيدي الغلـبان بشعوبنا العاربة ، التي جعلت من المقولة الشهيرة " طنّش تعـش " شعاراً لها وعربتها على طريقتها الخاصّة ، حتى وصلت إلى حدٍّ تعذّر معه العيش ، ولـو بلا كرامة ، ولم تعد ترى الشعوب من الانتعاش والازدهار أيّ منظر أو مشهد ، وحتى في حالة تعاطي أدوية الحلول المؤقـّتة المضادة للاكتئاب أو الهذيان .
وبعد كلّ ذلك الفشل الذريع بالمشاريع الإستراتيجية للحكومات العربية فإنـّها تدّعي أنّ العملية الاقتصادية تنمو بخطى سريعة ، وقد نجحت نجاحاً عظيماً لم تحقـٌقه معظم حكومات دول العالم المتقدّمة ، على الرغم أنّنا نرى الشعـوب العربية تموت من الجوع والذلِّ ، أو تكاد .
لقد وضعت حكوماتنا العربية شعوبها في الزاوية " خانة اليـَك " وحاصرتها تماماً حتى في طعامها وشرابها ، غير المُنعش . ومع كلّ ذلك كانت تدّعي ، وما زالت ، أنها حقـّقت بتفوّق وامتياز جميع الأحلام الوردية والتطلـّعات المستقـبلية لشعوبها العربية ، وأنّ هذه الشعوب تعيش الآن في رغد ورهف وسعادة ، وهناء  وبهاء وصفاء لم تصل لمثل حالتها معظم شعوب العالم ، وخاصة في الدول المتقدمة منها ، وتدّعي باستمرار أنّ نجاحاتها الباهرة في كلّ شيء ستزيد من تلك البحبوحة الواسعة من العيش الرغيد ، حتى لو كانت مظاهر ذلك الرخاء والانبساط ، الناتج عن تلك النجاحات العظيمة ، التي رأيناها وسنراها في المستقبل القريب أو البعيد ، لم تظهر للعيان بعد ، ولم تبدُ لنا بجلاء وصفاء بسبب الغباشة المنسدلة على أعيننا أو بسبب غيمة الصيف التي استمرت عقود طويلة ، لم تظهر لنا بعد ، نحن الشعـوب المتخلفة حتى في رؤيتها ، والبسطاء في كلّ شيء ، وحتى لو لم يستفيد المواطن العربي السخيف من كلّ تلك النجاحات اللامعة والساطعة سطوع الشمس في منتصف الصيف ، وحتى إن لم تظهر تلك النـعم الوفيرة على ذلك المواطن الناكر للمعروف والجميل دائماً ، والذي يطمع بكلّ شيء حتى بعيشه بكرامة .
إذاً : لماذا لا تعترف حكوماتنا العربية بفشلها المتكرّر أمام شعوبها وتظنّ دائماً وبشكل سلبي ظنّ السوء بشعوبها ، وترى أنّ هذه الشعوب مغفـّلة ولا تعرف كيف تسير الأمور من حولها ولا كيف ، أو إلى أين تتـّجه !!.
كلّ ما يريده هذا المواطن المسكين ، الذي سحقته ظروف الحياة الصعبة ، أن يعيش هذا العمر الوحيد الذي وهبه الله تعالى إيّاه  بكرامة مثل جميع شعوب الأرض ،. 
ويريد هذا المواطن البائس من حكومته المتفائلة أن تشركه في مصيره ومصيرها وهمومه اليومية وهمومها الخمسية ، من غير تطنيش واستغفال أو استهتار بحياته ومعيشته .
يريد ذلك المواطن من النائب الاقتصادي أن لا يقول له أنّ اقتصادنا قد نجح وتطوّر ونما نمواً عظيماً ، لكنك أيها المواطن الطمّاع لن ترى شيئاً من تلك الفوائد تعود عليك ، فكلّ ما ربحه النائب ، حسب قوله ، من مؤسسات الدولة الخاملة ، إن كان يوجد ربحاً فعلاً ، محفوظ في الخزينة ولصالح الخزينة فقط ، وعليك أيها المواطن الجشع أن تتدبّر أمورك بأي وسيلة غير أموال الدولة . لذلك أدعـو حكومتنا الموقـّرة إلى الإفراج عن أرباح الأموال العامة التي تدّعيها وإعادة توزيعها على مواطنين من الطبقات الوسطى والمعدومة ، بشكل عادل حسب شرائحهم وحاجاتهم ، وحتى لا ينطبق علينا القول : " العملية – الاقتصادية - نجحت لكن المواطن قد مات - جوعاً " .
يريد المواطن البسيط أن يكونَ هو أول وآخر اهتمامات الحكومة ، فالحكومة في أيّ بلد هي حكومة لكلّ لشعب ، وليست حكومة بعض أفراد الشعب من حيتان رأس المال والاستثمارات ، ويريد أن تعود نتائج الخطط  والإنماء وعائدات الاستثمارات والثروات الطبيعية وأرباح الشركات والمؤسسات العامة والخاصّة لكلّ أفراد الشعب وأن توزّع الحقوق بعدالة ومساواة على الجميع ، سواء على المدى القريب أو البعيد ، مثـلما تـُفرض عليه الواجبات والغرامات .


 دمشق في 20/6/2010م .

                                                                                                       م.أحمد راتب التيناوي
                                                                                                      عضو المكتب السياسي

مقابلة رئيس حزب الإصلاح جريدة الوسط اليوم 4/5/2011

محمد صوان رئيس حزب الاصلاح الوحدوي السوري لـ " الوسط اليوم" :


ضمن متابعاتها اليومية للحدث العربي ومستجداته تواصل الوسط اليوم حواراتها في العواصم العربية ومع كافة الشرائح والأحزاب والمسؤولين لوضع مواقف ألوان الطيف أمام القاريء العربية بمنتهى الحيادية والموضوعية، مراسل "الوسط اليوم" في الجمهورية العربية السورية فادي الملاح التقى بـ أمين عام حزب الإصلاح الوحدوي السوري محمد صوان معرجا على مفاصل الأزمة السورية وسبل الخروج منها .

 

 

" كان بإمكان النظام تلافي تفجـّر الأوضاع "

 

إلى التفاصيل

حوار خاص أجراه في دمشق فادي الملاح


الوسط اليوم:

ما الذي يجري في سورية ، وما هي حقيقة ما ينشره الإعلام عن الوضع الداخلي السوري ؟
صوان:أن ما يجري في سورية حراك شعبي مطلبي ، يتجلى في مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية ، يمكن أن تصب في الإصلاح السياسي للانتقال من حكم الحزب الواحد والنظام الشمولي إلى النظام الديمقراطي ومشاركة الجميع في رسم مستقبلهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وهذا لا يتم إلا بإلغاء المادة الثامنة للدستور التي تقول أن حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع ، ولقناعتنا أن الوطن ملك الجميع ومسؤولية الجميع فبنائه وصون أمنه واستقراره لا يتم إلا بمشاركة كافة الأطياف السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، هذا من جهة .
ومن جهة ثانية نتمنى على الإعلام السوري أن يكون أكثر مصداقية وشفافية معبراً عما يجري في الشارع السوري بصدق وأمانة ويضع في اعتباره أن المواطن السوري على درجة عالية من تحليل ما يجري حوله بذكاء .
أما بالنسبة للإعلام الخارجي لا شك أن هناك إثارة ضجة إعلامية كبرى في تضخيم الأحداث التي تجري على أرض الوطن ، ولكي تكون الحقيقة هي سيدة الموقف من الضروري أن تفتح الأبواب أمام وسائل الإعلام العربية والعالمية لتحرّي الحقيقة.
الوسط اليوم: المواطن العربي بين روايتين إحداهما تحمل النظام الرسمي تفجر الأوضاع وتركز على حجم الضحايا وصعوبة الأوضاع فيما تتحدث الرواية الرسمية عن فتنة وأيدي خارجية ومبالغة في التحريض ضد سوريا كيف يمكن إيصال الحقيقة للشارع العربي ؟
صوان: قلت في الجواب الأول أن الحقيقة كي تكون سيدة الموقف وواضحة للجميع يجب السماح لكل وسائل الإعلام العربية والأوربية بالسماح لها بنقل ما يجري على أرض الواقع في هذا الوطن وأنا لست مع نظرية المؤامرة كما يصورها الإعلام السوري لكن لا أستطيع نفي أن تكون هناك أيدي خارجية تساهم في تصعيد الأحداث وكان بإمكان النظام أن يتلافى تفجر الأوضاع فيما لو تعامل مع الأحداث بحكمة وتلبية مطالب المواطنين دون اللجوء إلى استخدام العنف لأن وجهة نظرنا : العنف لا يولد إلا العنف .
الوسط اليوم: هل توافقني بأن الأنظمة الرسمية العربية فشلت في خلق الإعلام المضاد لأدوات الدعاية الغربية ؟
صوان: نعم فشل الأعلام العربي في مجارات الإعلام الغربي والدعاية الغربية لسبب واحد وجوهري هو أن الإعلام العربي إعلام أنظمة وليس إعلام شعب .
الوسط اليوم : إذا كان الحديث عن تحريض إعلامي لماذا لا تسمح سوريا لقنوات التحريض بالعمل من أراضيها بالشكل الذي يهدد أمنها ؟
صوان: ليس هناك قنوات إعلامية تعمل بداخل سورية .
الوسط اليوم: أنتم كحزب إصلاحي ووحدوي هل ترون بمطالب الإصلاح التي ارتفعت يافطاتها شرعية ، وإلى أي مدى انتم راضون عن الإجراءات الإصلاحية التي اتخذها السيد الرئيس السوري بشار الأسد ؟
صوان: إن المطالب التي رفعها المتظاهرون هي مطالب شرعية ومحقة ، لكننا كحزب إصلاحي كنا نتمنى أن يكون هناك إسراع في تحقيق هذه المطالب وأن ترتقي إلى المستوى الذي تضمن خطاب القسم في الدور التشريعي الأول عام 2000   .
الوسط اليوم : ما هو دور حزبكم بالتحديد ، وهل تمتلكون القدرة على التأثير في مجريات الأحداث على الصعيدين الرسمي والشعبي ؟
صوان: نحن منذ أن أعلنا عن حزبنا في القطر العربي السوري ونحن نؤدي ما يمليه علينا الواجب الوطني من أجل تدعيم وحدته الوطنية والحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته الوطنية .
وقد تجلى ذلك في أكثر من موقف لنا فعلى سبيل المثال دورنا الكبير في عام 2004 عندما وقعت أحداث القامشلي طلب منا وبشكل رسمي من الجهات الرسمية المسؤولة أن نتدخل بشكل فوري لاحتواء الأزمة وكان ذلك .
كما كان لنا دور كبير في معالجة أكثر من موضوع وطني مع القيادة السياسية لأننا نرفض مخاطبة القيادة السياسية من خلال وسائل الإعلام الخارجي مهما كانت ، لإيماننا بأن الذهاب إلى القيادة السياسية بمطالب من خلال الخطاب المباشر والحوار الهادف المبني على مصلحة الوطن والشعب .
وكوننا حزب إصلاحي لدينا علاقات واسعة مع كافة الأطياف السياسية والشعبية والاقتصادية تتجلى في تقديم خدمات حسب إمكانياتنا للمواطن والوطن .
الوسط اليوم : لماذا لم تقم الأحزاب المستقلة بدور الوسيط قبل تفجر الأزمة على هذا النحو ؟
صوان: نحن بحسنا الوطني العالي وحفاظاً على التلاحم الوطني وتمتيناً للوحدة الوطنية ، فقد كنا السباقين وربما الوحيدين إلى توجيه مذكرة إلى السيد رئيس الجمهورية العربية السورية بتاريخ 25/2/2011 تضمنت التزامنا بقول الحقيقة ووضعها بين يدي السيد الرئيس منطلقين من مقولة ( صديقك من صدقك وليس من صدقك ) وصفنا فيها حالة الشارع المتوترة وقلنا فيها :
ضرورة معالجة البطالة
ضرورة وجود تعددية سياسية وقانون الأحزاب
تفعيل مضمون خطاب القسم الرئاسي للدور التشريعي الأول .
التأكيد على أن السيد الرئيس هو من أجمع عليه الشعب ومازال مجمعاً على محبته . كما قلنا ضرورة الإسراع بتلبية مطالب الشعب وإلغاء حالة الطوارئ وقانونها ، كما طالبنا بأن يكون معيار المعالجة ينعكس إيجاباً على حالة الشعب ، ولكن لم نرى جواباً لذلك .
الوسط اليوم : هل انتم متفائلون بقرب انتهاء الأزمة ، وأي السيناريوهات أقرب لاحتوائها وعودة الاستقرار إلى ما كان عليه ؟
صوان: لا أنا لست متفائلاً بقرب انتهاء الأزمة الداخلية إلا إذا بادر النظام متمثلاً بقيادته السياسية إلى المعالجة بحكمة وتعقل بعيداً عن استخدام العنف لأن العنف لا يولد إلا العنف تماماً كالكرة كلما قذفناها على جدار تواجهك بقوة ترتد عليك بنفس القوة ، وأنا مطمئن إلى وعي الشعب السوري الحريص على وحدته الداخلية ورفضه للطائفية والتخريب والعنف الذي يؤدي في النهاية إلى عودة الاستقرار وعودة الآمان إلى الوطن وأبناءه .
الوسط اليوم : يهدد الغرب بفرض عقوبات على سوريا برأيكم أين يصب هذا التهديد وهل تخشون من تبعات له على صعيد وحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي والسياسي ؟
صوان: أولاً لا معنى من وجهة نظرنا لما يقوم به الغرب من فرض عقوبات على سوريا مهما كانت هذه العقوبات لأن شعبنا محصن بوحدته الوطنية ورفضه لأي تدخل مهما كان مصدره وحججه .
الوسط اليوم : إلى ماذا تعزون تدخل أمريكا والغرب في الشأن العربي بحيث تعجز الأنظمة الرسمية عن لجم التدخلات وأدوات التحريض ؟
صوان: نحن كحزب إصلاحي من البداية وبطبيعة تكويننا الوطني ونرفض التدخل الأمريكي في شؤوننا الداخلية مهما كانت الذرائع لأن أمريكا لا يمكن أن نقدم على أي عمل دون أن نحصل على مقابل ذلك بما يحقق مصالحها ولنا فيما جرى في العراق وأفغانستان وما يجري الآن في ليبيا أكبر دليل على ذلك .
الوسط اليوم: هل تخشون تدخلاً عسكريا ً أمريكيا ً – غربياً مادام الأمر يتعلق بمؤامرات خارجية ؟
صوان: نحن كشعب في سورية نشكل أسرة واحدة قد تختلف ولكن قادرين على حل خلافاتنا ومشاكلنا بأنفسنا دون تدخل خارجي أو حتى عربي .
الوسط اليوم: عايشتم ما جرى في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين هل كنتم تتوقعون تفجر الأوضاع في سورية ؟
صوان: نعم لقد أدركنا هذا منذ اندلاع الثورة التونسية وهذا ما دفعنا إلى تسطير مذكرة إلى السيد رئيس الجمهورية قبل أن يكون هناك أي مظهر من مظاهر الاحتجاجات .
الوسط اليوم : كيف تقيمون موقف إيران من الأزمة السورية الداخلية :
صوان: موقف إيران بما تفرضه عليه علاقاته مع النظام في سورية .
الوسط اليوم : برأيكم إلى أين يتجه العالم العربي بعد هذه التغيرات التي طرأت على منظومة الدول العربية ؟
صوان: أن الأنظمة العربية التي كانت قائمة كانت سبباً كبيراً في تكريس التجزئة العربية لالتزام حكامها بالحفاظ على ما أقرته معاهدة سايكس بيكو من تجزئته وتقسيم للوطن العربي وفي اعتقادي إن المتغيرات التي تعيشها ستكون أرضية لبناء مجتمع عربي حضاري ، هذا ما سيشكل خطراً على العدو الإسرائيلي الذي أبدى تخوفه من هذه الثورات وخير مثال ما نراه من تغير إيجابي في مصر وتونس .
الوسط اليوم : ماذا توجه من كلمة لكتاب وقراء الوسط اليوم وللموطن العربي ؟
صوان: أتوجه إلى كافة المواطنين العرب إلى قراءة إيجابية والتأكيد على أن الجميع في الوطن متساوون أمام القانون ، ولا يفضل مواطن على مواطن إلا بما يقدم من خير للوطن وأبنائه ، رافضين امتيازي مواطن على الآخر بمجرد انتمائه إلى النظام أو ذاك ، وأن يعمل الجميع لكسر الحواجز بين شرائح الاجتماعية وعدم الاعتراف بالحدود التي رسمها المستعمر لنعيش أمة واحدة من المحيط إلى الخليج في وطن عربي واحد .

4/5/2011

واعتبروا يا أولـي الألباب

بيان

" اعتبروا يا أولي الألباب "


لا يمكن لأي مراقب أن يتجاهل الاحتجاجات التي حصلت في تونس ومصر ، وما لبثت أن تحوّلت إلى ثورتين شعبيتين حقيقيتين أطاحت بنظامين عربيين تجمعهما الكثير من المشتركات مع العديد من الأنظمة العربية الأخرى .
ما حصل في تونس ومصر يمـثـّل تحولاً كبيراً لا يقتصر تأثيره على هذين البلدين بل على المنطقة العربية والشرق الأوسط ، بل والعالم أجمع . ذلك لأنّ الشعوب تتحرّك لأوّل مرّة في تاريخ العرب الحديث للتحرّر من استبداد وتسلـّط أنظمتها ، ولتقرير مصيرها بنفسها بعدما عانت طويلاً من التهميش والإفقار والقمع والفساد، وغيرها من الآفات والأمراض التي انتشرت في أجسام هذه الأنظمة كالسرطان .
لم يكن ثمـّة خيار آخر للخلاص أمام الشعبين التونسي والمصري إلا الثورة على ذلك الواقع البائس والمظلم، لاستئصال ما يسمـّى ورماً خبيثاً تفـشّى في مفاصل الدولتين ومؤسساتهما وحوّلها إلى مستنقع يعجّ بمختلف أشكال وأنواع وأصناف الفساد .
وإذا كان هذا الواقع ليس مقتصراً على تونس ومصر، لأنّ حدود إمبراطوريات الاستبداد والفساد تمتدّ إلى ما هو أبعد وأوسع، فإنّ هذا يعني أننا نشهد ( عاجلاً أم آجلاً ) تكرار للسيناريو التونسي أو المصري في بلدان عربية أخرى، ربما يكون السيناريو الثالث أو الرابع أو الخامس مختلفاً في الشكل أو النمط عن الأول والثاني ، لكن الجوهر أو المضمون سيكون واحداً ، وهو أنّ إرادة الشعوب ستنتصر وأنّ الكلمة الأخيرة ستكون لها ، بلا أدنى شكّ.
هذه لم تعد شعارات ، بل حقائق مؤكـّدة سيندم كلّ من لا يعترف بها من الحكام العرب أو يحاول المكابرة والهروب إلى الأمام من خلال استبعاد امتداد الثورات الشعبية إلى بلاده ، فالكيل قد طفح بالشعوب العربية ، وحاجز الخوف قد انكسر مرتين حتى الآن ، ولم يعد بمقدور الأنظمة العربية تجاهل مطالب شعوبها المشروعة في التحرّر من الاستبداد ، وتوقـِها الشديد المتنامي إلى حياة أفضل ، أكثر عدلاً وكرامة وحرية ، وأقل ظلماً وامتهناً وقمعاً .
إنّ ثمـّة رمالاً متحركة تسير بأسرع مما يتصوّر البعض، ويمكن القول أنها تقترب إلى التحوّل إلى إعصار يهزُّ أركان الأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج ، ومن الخطأ الاعتقاد بأنّ هناك نظاماً بمنأى عمـّا جرى في تونس ومصر، ذلك لأنّ عجلة التغيير تحركت ولم يعدْ بمقدور أحدٍ إيقافها.
لعلّ الضمان الوحيد لاستمرار دورة حياة هذه الأنظمة وحكوماتها ، يتمثـّل في الإصلاح الحقيقي الشامل، ودون ذلك ستجد نفسها في مواجهة شعوبها التي تتوقُ إلى للحرية الكريمة وتتطلـّع للديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فلا مناص ولا خلاص لهذه الأنظمة سوى الإصلاح الجاد والعاجل والتخلـّص من الفاسدين وإشراك مواطنيها في صنع القرار، وفي مقدّمتهم الشخصيات الوطنية المشهود لها بالكفاءة والمصداقية ونظافة الكف .
ولن يكون هذا الإصلاح مثمراً ولا مجدياً إلا إذا عبـّر عن إرادة الشعوب ، وهذا يعني أنّ الإصلاح يجب أن يستند إلى القيم والمبادئ الديمقراطية الحقيقية، لا الديمقراطية الشكلية المزيـّفة والمشوّهة، وذلك لا يتحقـّق إلا عبر إقامة مجالس شعبية وبرلمانات يتمّ انتخابها بطريقة نزيهة وعادلة وشفافة من قبل الشعب .
من المؤكـّد الآن أنّ ما بعد ثورتي تونس ومصر ليس كما قبلها ، وإذا كان الإصلاح الاقتصادي والقضائي والإعلامي كافياً لامتصاص الغضب الشعبي قبل هاتين الثورتين ، فإنّ الأمر بات مختلفاً بعدهما ، ذلك لأنّ سقف المطالب الشعبية قد ارتفع ، وإذا كانت الشعوب مستعدّة لتأجيل التحرّر الكامل والانتقال نحو الديمقراطية مقابل أن توفـّر لها أنظمتها وسائل الحياة الكريمة وتحسين أوضاعها اقتصادياً ، فإنـّها لم تعد كذلك الآن بعدما حصل في تونس ومصر.
صحيح أنّ الديمقراطية ليست حلاً سحرياً لجميع مشكلاتنا أو علاجاً لكلّ آفاتنا وأمراضنا ، ولكنها وسيلة الحكم الأكثر تقدّماً وعدلاً ، والتي توصّل إليها الجنس البشريّ ، ومن دونها لا ملاذاً آمناً أو ممكناً للخلاص من الاستبداد والفساد والقمع والبؤس والتخلـّف والانحطاط ، السياسي والاقتصادي والاجتماعي .
أما أدوات الحكم التي لا تزال معتمدة في كثير من بلاد العرب، فقد انتهت صلاحيتها وأصبحت عـبئاً على أنظمة الحكم العربية ، التي لم يكن بإمكانها بعد الآن القول بأنّ الفوضى هي البديل عنها ، ولا يمكن أيضاً الاستمرار في انتهاج سياسة إلهاء الشعوب في البحث عن لقم عيشها وتحسين أوضاعها وظروف حياتها ، ولا الرهان على التباين الطائفي أو الإثني القائم داخل المكونات المجتمعية ، بهدف إضعافها وتخويفها من بعضها ، وإحكام السيطرة عليها على مبدأ ( فرّق تـسُد ) ، وبالتالي تبرير وتكريس الاستبداد .
هذا في الداخل ، أما في الخارج : فإنّ القوى الدولية والإقليمية الفاعلة لن تقتنع أبداً ، وبعدما حصل في تونس ومصر ، بأنّ الاستقرار اللازم للحفاظ على مصالحها في المنطقة العربية ، محكوم باستمرار دورة حياة الأنظمة القائمة فيها، وبهيمنتها على السلطة ، وأنّ البديل هو التطرّف والعنف والفوضى ، ذلك لأنّ ثـوّار تونس ومصر أثبتوا للعالم أجمع أنـّهم أكثر حرصاً على ضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار وأجدر بالحكم من الأنظمة ذاتها .
لا شكّ أن الواقع العربي الراهن يحتـّم على الأنظمة العربية التحرّك نحو الإصلاح الداخلي الشامل بعيداً عن الحلول الترقـيعية المرحلية أو المؤقـّتة ، وهذا الإصلاح لن يكون مجدياً إلا إذا كان جديّاً وسريعاً ، وأفضى إلى نتائج فعلية وملموسة على أرض الواقع ، ولعلـّها سفينة النجاة الوحيدة المتبقـيّة أمام الأنظمة العربية، وعليها تحمـُّل مسؤولياتها التاريخية والانفتاح على شعوبها والتعبير عن إرادتها وتلبية مطالبها وطموحاتها .
لا تزال الفرصة قائمة أمام الأنظمة العربية ولكنها لن تنتظر طويلاً، والأجدر بها أنّ تستخلص العبر وتفهم الدروس ، وتعترف بحقائق ونواميس التاريخ قبل فوات الأوان ، لأنّ استمرار استبداد هذه الأنظمة وفسادها ومكابرتها وتهميشها لشعوبها سيسقطها ، برؤوسها وجميع رموزها .
سجّل يا تاريخ ... لقد قالها الشعبان التونسي والمصري من قبل الآن ، وها هي ليبيا واليمن والبحرين ، وستقولها شعوب عربية أخرى في وقت لا يبدو بعيداً ... اللهمّ إلا إذا اتعظ الحكـّام وأدركوا أنّ الاستبداد أصبح من الماضي ، وأنّ الرهان على أنّ الشعوب العربية لا تـثور قد سقط سقوطاً مدوّياً ، مزلزلاً القصور والعروش والكراسي .


المكتب السياسي

فقط الحوار هو الحل الوحيد

بيان

فقط الحوار هو الحل الوحيد


نعزّي أنفسنا وأهالي الشهداء ، ونسأل الله أن يجعل مثواهم الجنـّة ، كما نرجوا من الله أن تكون دماؤهم الطاهرة التي أريقت محفـّزة للجميع للتوجـّه إلى مصالحة وطنية شاملة، من خلال حوار وطني إيجابي هادف إلى تحصين الوطن وحفظ أمنه واستقراره .

ونحن في حزب الإصلاح الديمقراطي الوحدوي، نتمسّـك بثوابتنا ومنطلقاتـنا والتي من أهمها، أنّ الوطن ملك الجميع ومسؤولية الجميع وأنّ الجميع متساوون أمام القانون ، فمن هذا المنطلق نقف مع الإصلاح ومع الحق والحقيقة ، ونرى غالبية المطالب التي نادى بها المتظاهرون سلمياً ، هي مطالب محقـّة لا ينكرها أحد أيـّاً كان موقعه في هذا الوطن ، مؤيداً كان أو معارضاً للنظام . فربما يكون الاختلاف هو في طريقة التعبير عن هذه المطالب ، وربما توقيته . فالكلّ يقرّ بمضمون هذه المطالب المحقـّة ، على الأقل حتى الآن .

إذاً لماذا هذا التشنـّج في الشارع السوري ! هل هناك حقاً انقسام فيه ، أم أن طريقة المعالجة هي التي أدّت إلى هذا الشعور !!!.

وحرصاً منـّا على وحدة الشعب وتماسكه كنـّا ومازلنا ننادي بالحوار الإيجابي الهادف، والآن نتوجـّه إلى حزب البعث العربي الاشتراكي وندعوه إلى المبادرة وفتح الحوار مع الآخر لقناعتنا أنّ الحوار هو الحلّ الوحيد والأوحد لحلّ الإشكالات والمشاكل التي تعترض المجتمع السوري ( سياسية كانت أم اجتماعية ، إدارية أو اقتصادية ) .

كما ندعو الجميع إلى عدم التمترس كلّ خلف مطالبه ومعتقداته كي لا تزداد الأزمة تفاقماً وشدّة . وحتى يكون هذا الحوار مفيداً ومُجدياً ، وقبل كلّ شيء ، لا بدّ من الاعتراف بالآخر كما هو ، دون النظر إلى مدى تواجده على الساحة السياسية من جهة ، ومن جهة أخرى دون نزع شرعيته على الأرض ، فمدى حجم تمثيل الرأي الآخر ومدى تأثيره على المجتمع مرهون الآن بالكثير من الضوابط  غير الدستورية سببها :

1- قانون الطوارئ .

2- قانون المطبوعات .

3- المادة الثامنة من الدستور .

ونحن في حزب الإصلاح الديمقراطي الوحدوي لا نتوافق مع الادعاء أنّ الرأي الآخر لا يمثـّل إلا قلـّة قليلة، هو أمر غير دقيق وغير موضوعي في الظروف القائمة على الأرض ، هذه من جهة ، ومن جهة ثانية نرى أنّ التشهير بالطرف الآخر بأنه نظام  شمولي ويحمي الفاسدين ، والتطاول على رجالاته وتأليب الرأي الدولي، والتآمر عليه من الخارج هو أمر مرفوض بالمطلـق .

فإلغاء الآخر وتجريم النظام ، كلاهما أمر مرفوض وغير مقبول ، وهو ما أدّى إلى ظهور شرخ وانقسام في الشارع السوري ، فكلـّنا ضد الفتنة والطائفية والفوضى والتخريب والعنف وإسـالة الدماء ، ولأننا مع تمتين الوحدة الوطنية واستقرار وأمن سورية الغالية ، ولأنّ الحلّ الوحيد هو البدء في حوار وطني شامل ، والذي من المفترض أن يـُبني ، من وجهة نظرنا ، على الأسس التالية :

1- ترسيخ مناعة سورية الحبيبة .

2- التمسّك بوحدة تراب الوطن واستقراره .

3- دعم المقاومة العربية وتحرير الأرض المحتلة .

4- إصدار قانون أحزاب لتفعيل وتنظيم الحراك السياسي على ساحة الوطن .

5- محاسبة المتسببين بإشعال الأحداث بدرعا واللاذقـية من خلال لجنة تحقيق تتصف بالمصداقية والأمانة الوطنية.

6- حرية التعبير والمشاركة في صنع القرار .

7- إطلاق سراح معتقلي الرأي .

8- محاربة الفساد والفاسدين والمفسدين بكلّ أشكالهم وألوانهم .

إنّ ما يحدث الآن على أرض الوطن أمر يحتّم على جميع الغيارى على سلامة الوطن التقدّم خطوة نحو الآخر فوراً ، دون تردّد أو مماطلة أو تأخير ، فانكفاء الدولة خلال الأحداث الأخيرة ، كما وصفها السيد الرئيس ، يؤكد للمرة الألـف أنّ شخصه ومواقفه وأفعاله هي الحامل الأساس للنظام ، وأن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ، وكليهما خارج إطار الزمن ، تعيش على رصيده الهائل في الخارج ، والأكثر في الداخل ، أما الجبهة الوطنية فأصبحت صيغة فارغة من مضمونها ، كما رأينا غياب أحزابها في أحداث القامشلي 2004م ، ونراها اليوم كذلك غائبة كلياً عن ساحة الوطن وكأنّ ما يجري لا يعنيها بشيء ، لأنّ رؤساء هذه الأحزاب باتوا لا يمثـّلون سوى أنفسهم .

أيـّها الغيارى على هذا الوطن بكلّ انتماءاتكم السياسية والاجتماعية والإثنية ، تعالوا لنضمّد جراحنا وندعم وحدتنا الوطنية ولنعقد العزم على قبول الآخر ، ولنترحّم على شهدائنا الأبرار ، ولنحصّن وطننا الغالي ، ولتبقى سـورية محصّنة منيعة حرّة أبية وشعب حرّ أبيّ .


        دمشق 2/نيسان/2011م

المكتب السياسي


نداء : إلى الشعب السوري العظيم

إلى الشعب السوري العظيم

نداء

يا أهلنا في سورية  :

إن تسارع الأحداث وتنوعها وتداعياتها واستهدافاتها لمجمل شؤون حياتنا في الوطن تستوجب من الجميع تحمل مسؤولياتهم التاريخية لضمان وحدة الشعب , وتحقيق مصلحته وسلامة الوطن .

لأن أزمة مليئة بالصعاب والمحن تمر علينا , فلا منفذ لنا منها إلا بالحفاظ على وحدتنا الوطنية أمضى سلاح في يد الشعب السوري على مر التاريخ , وحدتنا التي تجلـّت دائماً خلال كل محنه السابقة بأسطع أشكالها .منطلقين من قناعة راسخة , نهائية , أن الوطن ملك الجميع ومسؤولية جميع أبنائه .

وعليه ندعوا في هذه اللحظة التاريخية   :

• إلى عدم استخدام السلاح ضد المدنيين العزل منعاً لإراقة الدماء البريئة ودرءاً للفتنة وحفاظاً على الوحدة الوطنية , كما ندعو إلى حماية المظاهرات السلمية التي مازالت حقاً مشروعاً للسوريين الذين يرفعون المطالب المختلفة .

• ونهيب بجميع المواطنين العمل على لجم كل من يحاول الاعتداء على الممتلكات العامة ومحاصرة كل من يدعو إلى حمل السلاح تحت أي حجة كانت .

إن الاحتكام للسلاح في هذه الظروف الدقيقة التي يمرّ بها وطننا هو جريمة لا تغتفر لن يبررها التاريخ لأي كان .

إن الهدف المباشر لهذا النداء هو تحصين الوطن والحفاظ على وحدته الوطنية وتماسك وحدته الاجتماعية .

دمشق 12 \ 4 \ 2011م

الحزب السوري القومي الاجتماعي :  د - علي حيدر

حزب الإصلاح الديمقراطي الوحدوي : أ – محمد صوان

اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين : د – قدري جميل


سورية اليوم

سـورية اليوم

من خلال الأحداث التي تمرّ بها اليوم سورية ، وعلى مدى شهر كامل ، فقد لوحظ انقسام الجمهور السوري ، في الداخل والخارج ، إلى أربعة أطراف متنافسة ، كل منهم يحاول سحب البساط من تحت الآخرين . الطرف الأول وهو الأقوى حتى الآن عسكرياً ومادياً ، وهو النظام بما يحتويه من أدوات ووسائل ، والطرف الثاني : هو قوى المعارضة الخارجية التي تعمل بطرق غريبة وعجيبة وليست أقل من أدوات النظام تخبطاً وغرابة وبشاعة. ولم تكن المعارضة الخارجية بكلّّ مواصفاتها وصفاتها والاتهامات التي وجّهت إليها قادرة على تحريك شاب واحد ضمن سـورية لولا حدوث التغيرات العالمية عامة والتغييرات على الساحة العربية بشكل خاص.
والطرف الثالث : هو قوى الأحزاب الداخلية ذات الأقلية العددية ، والضعيفة مادياً ، وفراغ أغلبهم من المشروع الحضاري الفكري الذي يمكـّنهم من الاستمرار والديمومة ، ولم يُنظر إليهم حتى الآن، من قبل الشعب السوري والنظام ، بجدية وواقعية. وهي مازالت منغمسة في أحلام النظام وتنتظر منه المكرمات والهبات والصدقات .
أما الطرف الرابع : هو قوى الشارع السوري الواسع بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى ، هذه القوى التي خرجت لـتعبّر عن مصالحها وحاجياتها الضرورية ، سواء المعنوية والمادية ، أو السياسية والاقتصادية ، تـُعتبر أوسع القوى المتواجدة حالياً على أرض الواقع ، وتنبع بشكل أساسي من طرفين أساسيين  من الأطراف الثلاثة المتواجدة في الداخل :
أولهما حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يعتبر ضمنياً أن جميع الشباب في سورية هم كوادر في حزب البعث وشبيبته الثورية وطلائعه ، حيث يقوم بتربية هذه الشبيبة منذ نعومة أظفارها على مبادئ ومنطلقات الحزب ، فمثلاً شباب وأهل حوران خاصّة ، والكثير من شباب 15 آذار والسوريين عامة ، كانوا منذ أيام قليلة فقط هم السند الأول للنظام والتكوينة الأساسية له ، حيث كانوا يتفانون في حبـّه وخدمته، وهم يؤلفون التعداد الأكبر في حزب البعث العربي الاشتراكي ، فشباب الانتفاضة إذاً جاؤوا من رحم النظام وكوادره ، وهم من صَنعَ هذه الثورة بشكلها الافتراضي والواقعي على حدّ سواء ، وشباب البعث الأحرار، الذين تربـّوا في حضن البعث ومعتقداته المتقادمة ، هم من يصنع الانتفاضة اليوم ، انتفاضة التحرّر من القيود الصدئة لحزب البعث ، التي كبـّلت الشعب السوري منذ عدّة عقود ، انتفاضة الديمقراطية والكرامة والحرية التي طالما حلموا بها ولم يلمسوا منها أيّ شيء.
ثانيهما : هو كوادر الأحزاب الداخلية ، التي لم تكن على مستوى المسؤوليات أبداً ، ولم تكن في يوم من الأيام إلا تابع للنظام ، لذا نجد أنّ كوادرها اليوم تسير في الانتفاضة خلف الشباب الحرّ ، فقد تخلـّت هذه الكوادر عن قياداتها وانخرطت بقوة في زخم الانتفاضة الشعبية التي بدؤوا يرون فيها كل ما يحلمون به.
إننا نجد اليوم أنّ تعداد هؤلاء شباب 15 آذار يزداد كلـّما ازداد العنف ضدّهم أو مورس الاضطهاد عليهم ، فهم أبناء النظام وكوادره ، ويحق لهم ، كما يرتئون ، أن يعبّروا عن مواقفهم وأحلامهم بشكل ديمقراطي حرّ ، وبموجب ما تنصّ عليه منطلقات أحزابهم التي ينتمون إليها ويعتقدون بعقائدها ، فيزدادون تماسكاً وقوة وإيماناً بأهدافهم التي أعلنوها وآمنوا بها .
إذاً فتزايد أعداد المنتفضين يأتي بكلّ تأكيد من الانشقاق ، الغير معلن ، لأتباع أحزاب الداخل وعلى رأسها حزب البعث ، وتمرّدهم على أسيادهم الذين خلّدوا أنفسهم في مراكزهم وكراسيهم ، الذين لم يحققوا لأتباعهم أيّ هدف من الأهداف التي جاؤوا بها وأعلنوها ، فكانت جميعها مجرد حبر على ورق وغير قابلة للتطبيق ، فالاشتراكية لم يتولّد عنها إلا الرأسمالية الجشعة واحتكار المصالح لعدد محدود من المتسلـّطين ، والحرية لم نرى منها أي شيء ، حيث بقيت الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مقيّدة بحسب المصالح الشخصية الكبرى ، إلى أبعد الحدود ، والوحدة العربية لا زالت حلم غير ممكن التحقيق في ظلّ الأنظمة العربية المتواجدة على الساحة ، حيث أنشئت جامعة الدول العربية لمنع وحدة الوطن العربي بأي شكل من الأشكال ، أما العدالة والمساواة فكانت تداس يومياً بالأحذية والأرجل وتهان بالسياط وتقتل بالبنادق في السجون على مدى الخمسون عاماً الماضية ، بينما الإصلاح والتنمية التي خرجت إلينا منذ عقد من الزمن ، فإن النظام الحالي قد أعلنها صراحة في بداية انطلاقته كبرنامج سياسي واقتصادي ، يحاول الآن بشتى الوسائل التهرّب من استحقاقاتها ومتطلباتها .
وغيرها الكثير من الشعارات الطنـّانة التي تلوّنت بها الأحزاب السورية كأعلامها ، لم تكن سوى كلمات عابرة على ورق أصفر ، ليس لها أي قيمة أو تطبيق على أرض الواقع .
وعندما استشعر الشعب ذلك ، وهو يعلم يقيناً بأنه ليس أقل حضارة ورقيّ من الشعب المصري ، وليس أقل شجاعة واندفاعاً من الشعب الليبي الجريح ، خرج ليحصل على حقوقه كاملة – السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية - غير منقوصة ، خرج بيده الفارغة من السلاح ، وبصدور عارية ، ليصنع انتفاضة شعبية سـلمية على الفساد والمفسدين فقط ، انتفاضة بعيدة عن الخصائص الطائفية أو العرقية أو الإثنية ، معتمداً على رصيده المعنوي والإيماني المتولـّد من حبه لله تعالى وحبـّه لقائده المفدّى الرئيس بشار الأسد ، ورغبته بإبقاء سورية قوية مستقلة.
إنّ الشعب السوري بكلّ ألوانه وأطيافه إنما يمثـّل كتلة واحدة فلا يمكن أن ينشقّ على نفسه ، كما أنّ اعتماد النظام على طائفة واحدة أو حزب واحد قد أوقعه في مشاكل عديدة وفراغ حقيقي ، فالحزب الواحد ينشق الآن من داخله على نفسه لينضمّ معظم أعضاءه إلى الانتفاضة المتفاقمة يوماً بعد يوم ، بينما الاعتماد على الطائفة آخذ بالتآكل نتيجة لتصاعد الأحداث ، فالكثيرين منهم سينفضّون من حول النظام عندما يجدوا أن الفرصة باتت سـانحة لهم، وأنّ ليس لهم إلا أن يتـّحدوا ، كجسد سوري واحد ، مع بقية أطياف الشعب الذي يدوم غالباً مادامت الأرض تدور ، بينما تؤول الأنظمة للزوال وتتبدّل كحالة طبيعة وسـنـّة كونية تنتج عن الطبيعة البشرية التي تتغيّر وتتبدّل مع الزمان والمكان .
إذاً : ما يحدث في سورية لم يكن له أي دوافع خارجية مؤثـّرة تأثيراً حقيقياً ، ولم يكن نتيجة لعملية سياسية داخلية فعلية قادرة على إنتاج هذا الحراك الشعبي العفوي ، بل إنّ ما حدث حتى الآن كان نتيجة لتراكم الأخطاء الكثيرة والمتكرّرة للنظام ، وإغفاله مطالب مشروعة وغضّ البصر عن حيتان المال وذئاب الأعراض ، التي باتت تنتهك كلّ المحرمات وتفعل كل الممنوعات ، وكأنّ هذا الشعب ليس إلا جماعة من عبيد بني إسرائيل يفعل بهم أسيادهم الفراعنة ما يشاؤون بهم .
وقد أخطأ النظام وليس له إلا الاعتراف والتصحيح والإسراع بالإصلاح الكلي بهيكليته الداخلية أولاً.

15/4/2011

م. أحمد راتب علي الـتيناوي

عضو المكتب السياسي