الآن فقط أدركنا عظمة مبارك
من أفضال هذه القومة الشعبية المباركة في مصر، أنها كشفت لنا عظمة مبارك الخائن ودوره التاريخي الذي قام به منذ ثلاثين عاماً في الحكم، بعد أن استلم الراية من الرئيس السادات ، صانع كامب ديفيد وخائن حرب تشرين ومهندس كل إتفاقيات السلام التي جاءت فيما بعد، وفاتح الأبواب المغلقة في وجه صهيون.
في بداية الانتفاضة المصرية الحديثة وقبل أن يصل مبارك إلى التلفزيون أو قبل أن تصل كامرات التلفزيون إليه في اليوم الرابع، كان العالم الغربي قد اتخذ قراراته وعقد مؤتمراته وأصدر تصريحاته، التي تدلّ كلها على مدى الاهتمام بمصير مصر وبمصير مبارك. أربع مؤتمرات صحفية في أمريكا، تصريحات من ميركل في ألمانيا، تصريحات من إيطاليا ، فرنسا إنكلترا ، أسبانيا، وصمت كامل من مصر، إلى أن قرر أوباما أن يلقي خطابه بعد أن يتكلم الرئيس فأجبر الرئيس على الكلام.
في اليوم التالي إجتماع لمجلس الأمن القومي الأمريكي، توصيات لإسرائيل بضبط النفس! بان كي مون يعلق، الإتحاد الأوروبي يوصي وهكذا تتوالى ردود الأفعال والأفعال وتقرر أمريكا من سيكون الرجل القادم الذي توافق عليه إسرائيل: فإذا به قاتل الفلسطينيين ورجل إسرائيل الثاني في مصر عمر سليمان، رجل الظل الظاهر الخفي، رجل مرشح لمواصلة التنازلات والمحافظة على كل مكاسب إسرائيل من عهد مبارك، وكان أول من اتصل به بعد أدائه القسم نتن ياهو!.
نعود إلى مبارك الذي فهمنا الآن أهميته وفهمنا أي رجل تخسر إسرائيل برحيله وعائلته عن بلدانا وشعوبنا، إنه رجل القرن الماضي، الرجل الذي ستقيم له أمريكا وإسرائيل التماثيل التذكارية وتسمي الشوارع باسمه، إنه فعلا رجل المرحلة، ولكن من وجهة نظر إسرائيل، وهنا تكمن مشكلتنا مع الرجل.
لو أردنا أن تحكمنا أمريكا وإسرائيل فلن نجد أحسن من مبارك وصي، ولو أردنا أن تكون مكاسب إسرائيل أكبر من مكاسبنا أنفسنا، فلن نجد أحسن من مبارك، لو أردنا أن نحافظ على ثقافة الذل والمهانة والعجز والفقر والمرض والعبودية، فلن نجد أحسن من مبارك، ولو أردنا أن نكون أدوات لضرب العراق وتمزيق السودان واحتلال الصومال والعراق وقتل الفلسطينيين وحصارهم، فلن نجد أحسن من مبارك. تصوروا مثلاً أن نتنياهو حكم مصر هل كان سيقطع الغاز عن إسرائيل؟ ومبارك لم ولن يفعل. هل كان سيفتح الحدود مع غزة ؟ ومبارك لم و لن يفعل. هل كان سيعمل على منع تقسيم السودان؟ ومبارك لم ولن يفعل. هل كان سيؤيـّد المقاومة الفلسطينية وبلدان المقاومة ؟ ومبارك لم ولن يفعل..... إلى آخر القائمة التي يعرفها كل مصري وكل عربي شريف.
إذا هل عرفتم الآن سر عظمة مبارك لدى إسرائيل والغرب ؟ وهل عرفتم لماذا استطاع أن يحكم ثلاثين عاماً؟ وهل عرفتم سبب القلق الذي يصل حد الخوف عند أمريكا وإسرائيل وكل من يدور في فلكهم؟ هل عرفتم سبب معركة كسب الوقت التي تخوضها إسرائيل بكل قواها ضد الشعب في مصر؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق