نت السبب
نتيجة للنكسات المتتالية التي حلـّت في كلّ من الأمة العربية والإسلامية منها مأساة احتلال العراق ، ومنها الجرح الفلسطيني الغابر الذي لا يزال ينزف منذ ما يزيد على ستين عاما ، وخلال تلك المدّة الطويلة من الزمن انبرى عدد من المفكرين والمهتمين بالشأن العام في الأمّة ليدلي كلّ منهم برأيه ويدلو بدلوه مسترسلاً في شرح أسباب تلك النكسات وقـد ألقي اللوم في الآراء المختلفة على الجهات والأوضاع والأفكار التالية :
1- العداء الأزلي الذي تكنـّه الأمم الغربية للشرق وشعوبه .
2- تدخلات الدول الاستعمارية الهادفة لتحقيق مصالحها .
3- فكرة القومية العربية التي طرحها بعض المفكرين في القرن الماضي ودانت بها الشبيبة المتنورة وصارت بعض الأنظمة تحكم باسمها والتي أثبتت فشلها الذريع في الواقع السياسي .
4- الجامعة العربية ( التي لم تجمع العرب حتى الآن ) والتي كانت دائماً مصدراً لرياح التغيّر وجمـّدت الأمة العربية في القوالب القديمة .
5- اللوبي الصهيوني المؤثـّر في رسم وتنفيذ السياسة الأميركية .
6- تدخـّل الإسلاميين في السياسة مما أوقع الأمـّة كلـّها في مرمى النيران المعادية .
ومن المفيد أن نناقش هذه الرؤى لاستبيان دورها فيما اتهمت به :
1- ما يقال عن وجود عداء أزلي يكنـّه الغرب لشعوب الشرق فما هو غير أنتاج الطبيعي لتحريض الفئات أو السلطات الغربية الطامعة في ثروات الشرق وكنوزه ، وإن ألبست القضية لباس الطابع الديني أو غيره وإنـّها كانت في أحلامهم منذ قرون عديدة ومازالت إلى يومنا هذا ، وقـد تستمر ، بل ولسوف تستمر إلى الوقت الذي نضع بأنفسنا (بأية طريقة وبأي حين ) الحد النهائي لها .
2- و إنّ ما ورد عن تدخـّلات الدول الاستعمارية في شؤون الشرق كله إنـّما هو نتيجة للنتائج آنفة الذكر .
3- أما بالنسبة لفكرة القومية العربية التي طـُرحت منذ أوائل القرن الماضي وسواء تمّ طرحها في حينه كردِّ على مبدأ الطورانية وحملة التتريك أو بديلاً لما سبقها من الأفكار والمبادئ ، وسواء طرحها مبتدعوها بالذات أم أوحيت إليهم فقد دان بها الكثيرون من المتنورين ، أما الفشل الذريع ( الذي لا يـُنكر ) والذي رافق مراحلنا الماضية فلا نعتقد أنـّه يعود للنقض في بنية الفكرة ذاتها ، بقدر ما يعود لفساد في بنية أنظمة بعض الدول أو لعدم استعداد قادتها للتضحية في سبيل المبدأ ، أو لعدم أيمانهم بالفكرة أصلاً ، وإنَّ رفع راية القومية العربية كان للتمويه مما جعل تشرذم الأمة وتفككها مبدئياً وتقليدياً ودينياً غير قابل للتغير .
4- و الجامعة العربية ، الهرمة التي ولدت في عام 1946 ، بقصد لمِّ شمل العرب ، والتي مازالت تلام على كل عجز أو تقصير عن معالجة الكوارث ، تلك الكوارث التي لم يورثها إلا تقصير وتقاعس و تهاون الدول المنضمة إليها اسماً ، والناشذة عنها فعلاً .
ويلاحظ أن أصواتاً تتعالى أحياناً من هنا وهناك ، تطالب بإلغاء الجامعة العربية ، لأنها فعلت كذا أو لم تفعل كذا..... الخ وحتى نقرأ نوايا الغاضبين عليها قراءة صحيحة ، نقول بكل وضوح وصراحة أنّ علينا أن نرجع إلى ما قاله جورج بوش الرئيس الأميركي في الكونغرس بتاريخ 29/1/2002م ، خلال خطابه عن حال الاتحاد اليهودي المسيحي الأبيض ، في هذا الصدد قال الرئيس الهمام :
· و نحن الآن نعتبر جميع المنظمات الدولية التي تعارض أي هدف يتعلق بالمصلحة الوطنية الأميريكية " الإسرائيلية" (( غير ذات صلة )) و يشمل هذا منظمات كالأمم المتحدة ، والاتحاد الأوربي ، ومحكمة الجنايات الدولية والمنظمة التجارية الدولية ومفوضية الأمم المتحدة ، والجامعة العربية ، التي يجب باعتقادي أن يتم حلها فوراً ، واللجنة الدولية للصليب الأحمر والفاتيكان ، وجميع المنظمات الإسلامية .. فهل فهمنا الآن من هم أصحاب المصلحة في إلغاء الجامعة العربية ؟
و نحن وإن كنا نستشعر العجز في الجامعة ، إلا أننا نرى أنّ مردّ ذلك إلى أمور عديدة أهمها :
- أن نظامها لا يعطها أصلاً صلاحيات تمكـّنها من أي موقف على أي من أعضائها.
- أن كوادرها تمثل فعلاً كل ما تحويه دولها من مفارق واختلافات ، لذلك فليس من العدل الحكم عليها بالإعدام كمؤسسة ( وهي مأمورة وموجّهة ) ولو بشكل غير مباشر ، و ذلك كما حكم بالإعدام على الوحدة السورية المصرية ، لمجرد أخطاء وقعت خلالها .
· و كي لا نظلم أحداً ، وكي لا نكرّس الأخطار ونكرس تحنيط الجامعة العربية ثم ندفنها ، نرى نحن في الحزب ضرورة عقد اجتماعات لقادة الدول الراضية على الجامعة والغاضبة عليها للاتفاق على أسس عملية واضحة وصريحة ومفيدة لتعديل نظامها بما يـُعطيها دفعة من الحيوية والمصداقية بحيث تصبح ممثلة للشعوب العربية ( ثابتة البقاء ) و ليس للأنظمة ( المتغيرة والمتجددة ) ثم تشكل لجان فنية وحدوية المعتقد حرّة التوجـّه تضع تفصيلات ذلك النظام الجديد تجعل منها جامعة عربية تحسّ نبض شعوبها تتفهم قضاياهم الأساسية تخدم أهدافها تحافظ على سلامتها ومصالحها تمليك الحق والقدرة على حلّ المنازعات بين أعضائها .
· نأتي إلى أسطورة اللوبي الصهيوني و تأثيره في رسم و تنفيذ السياسة الأمريكية .
ونتساءل : هل تخضع أمريكا فعلاً للوبي الصهيوني بحيث تصبح كلياً في خدمة الأهداف الإسرائيلية ؟
أم أن إسرائيل وجدت لتنفيذ سياسات وأحلام الإمبراطورية الأميركية في المنطقة .
مكتب الإعلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق