المتآمرون يتحركون - فهمي هويدي
منذ انفجر بركان الغضب الشعبي في وجه نظام الرئيس السابق تتابعت مجموعة من الأحداث تحتاج منا إلى انتباه، وإلى تحليل لسياقها ومراميها، هذه الأحداث هي:
> الاختفاء المفاجئ للشرطة، الأمر الذي صدم المصريين وروعهم، من حيث إنه أفقدهم الشعور بالأمان، حتى وهم في داخل بيوتهم. ليس ذلك فحسب، وإنما أدى إلى إثارة الفوضى في البلاد، وإلى إطلاق العصابات التي شرعت في السلب والنهب في مشهد مخيف، لم يعرفه المصريون من قبل.
> فتح عدد كبير من السجون وإخراج من فيها أو هروبهم، وانضمام أعداد كبيرة من أولئك المحكومين إلى الفئات التي أسهمت في السلب والنهب وترويع المواطنين، الأمر الذي أسهم في توسيع دائرة الفوضى بحيث لم تعد تقتصر على المدن والضواحي، وإنما أصابت سكان المناطق النائية التي يضعف فيها حضور الدولة، وفي غياب الشرطة فإنه أريد إقناع قطاعات كبيرة من الأهالي بأنه لم تعد هناك دولة من الأساس.
> الانتشار المفاجئ للإضرابات والمطالبات الفئوية في توقيت متزامن، بحيث استدعت كل فئة مشكلاتها في وقت واحد وخرجت رافعة لواء العصيان، بين من يطالبون برفع أجورهم إلى المطالبين بتثبيتهم في وظائف الحكومة، إلى المطالبين بتوفير المسكن أو المرافق، إلى المطالبين بإقصاء رؤسائهم في الأجهزة الحكومية والوحدات الإنتاجية المختلفة..الخ.
> إصابة القطاع الصناعي بالشلل سواء بسبب الإضرابات أو بسبب غياب الأمن الذي حال دون وصول العاملين إلى مقار عملهم.
> الظهور المفاجئ لمجموعات من السلفيين خصوصا في القاهرة والإسكندرية، الذين خرجوا في مسيرات خاصة لم تر من قبل طوال أيام الغضب الجماهيري الحاشد. وهذه المسيرات رفعت لافتات مختلفة عن تلك التي توافق عليها المتظاهرون، والتي كانت ذات طابع وطني بالدرجة الأولى. في حين أن لافتات ونداءات تلك المسيرات اتسمت بطابع ديني زايد على الجميع. ولم تكن اللافتات وحدها التي أثارت الانتباه، ولكن توقيت خروج المسيرات واشتباك المشاركين فيها مع فئات المجتمع الأخرى كان بدوره مثيرا للتساؤل والارتياب.
> لاحت بوادر لمحاولة الوقيعة سواء بين الجيش والشرطة أو الجيش والشعب. إذ تناقل كثيرون تعليقات لبعض رجال الشرطة غمزت في دور الجيش وقللت من شأن قدرته على الحفاظ على الأمن.
وقال لي شخص إنه اتصل هاتفيا بأحد أقسام الشرطة شاكيا من أمر اعترضه فرد عليه الضابط الذي تلقى المكالمة قائلا: لماذا لا ترجع إلى الجيش الذي احتميتم به، ثم أضاف: ليته ينفعكم. أما محاولات الوقيعة بين الجيش والشعب فقد تكفل بها نفر من البلطجية الذين تكررت محاولات تحرشهم بالشرطة العسكرية في ميدان التحرير.
> فتحت مقار جهاز أمن الدولة أو تم اقتحامها في توقيت واحد تقريبا، بعد أن قطعت عمليات إحراق وإبادة ما فيها من تقارير وملفات شوطا بعيدا. وتمت استباحة كميات أخرى من التقارير التي أثارت طنينا ولغطا في طول مصر وعرضها. وحين أصبحت تلك التقارير بين أيدي الذين دخلوا إلى المقار في مختلف أنحاء مصر، شغل الناس بسيل الأخبار والأسرار التي تضمنتها مما أشاع درجات مختلفة من البلبلة بينهم.
> أطلت الفتنة الطائفية برأسها، بعد الاعتداء على إحدى الكنائس، وخرج المئات من الأقباط في تظاهرات احتجاجية غاضبة، الأمر الذي تطور إلى اشتباك بين بعضهم وآخرين من المسلمين، وجرى تصعيد الاشتباك إلى ما هو، حيث دمرت سيارات كثيرين وهرب البعض من بيوتهم وأحرقت بيوت آخرين.
هل يمكن أن تكون هذه كلها مصادفات؟ وهل نبالغ إذا ما قلنا إن ثمة أيادي خفية لم تتوقف عن إفساد الإجماع الوطني وتأليب وتحريض فئات المجتمع على بعضها البعض، ومن ثم إشغال الوضع المستجد وإرباكه بما لا يسمح لسلطة الثورة بأن تتقدم في مسيرتها، وبما يشيع البلبلة والترويع والفوضى في البلاد، لإقناع المصريين بأنهم انتقلوا إلى وضع أسوأ، وأن الوضع السابق رغم سوءاته كان أفضل لهم
ـ وهل نبالغ إذا قلنا إن عناصر جهاز أمن الدولة التي تآمرت على المجتمع بأسره في السابق مازالت تواصل تآمرها لإجهاض الثورة؟ وألا يعني ذلك أنه لا يزال في البلد طابور خامس يتربص بنا لا يتوقف عن إشعال الحرائق في ربوع البلاد مستهدفا استنزاف الثورة وإفشالها؟..
ليس هذا بلاغا إلى النائب العام، ولكنه بلاغ إلى عموم أهل مصر.
منذ انفجر بركان الغضب الشعبي في وجه نظام الرئيس السابق تتابعت مجموعة من الأحداث تحتاج منا إلى انتباه، وإلى تحليل لسياقها ومراميها، هذه الأحداث هي:
> الاختفاء المفاجئ للشرطة، الأمر الذي صدم المصريين وروعهم، من حيث إنه أفقدهم الشعور بالأمان، حتى وهم في داخل بيوتهم. ليس ذلك فحسب، وإنما أدى إلى إثارة الفوضى في البلاد، وإلى إطلاق العصابات التي شرعت في السلب والنهب في مشهد مخيف، لم يعرفه المصريون من قبل.
> فتح عدد كبير من السجون وإخراج من فيها أو هروبهم، وانضمام أعداد كبيرة من أولئك المحكومين إلى الفئات التي أسهمت في السلب والنهب وترويع المواطنين، الأمر الذي أسهم في توسيع دائرة الفوضى بحيث لم تعد تقتصر على المدن والضواحي، وإنما أصابت سكان المناطق النائية التي يضعف فيها حضور الدولة، وفي غياب الشرطة فإنه أريد إقناع قطاعات كبيرة من الأهالي بأنه لم تعد هناك دولة من الأساس.
> الانتشار المفاجئ للإضرابات والمطالبات الفئوية في توقيت متزامن، بحيث استدعت كل فئة مشكلاتها في وقت واحد وخرجت رافعة لواء العصيان، بين من يطالبون برفع أجورهم إلى المطالبين بتثبيتهم في وظائف الحكومة، إلى المطالبين بتوفير المسكن أو المرافق، إلى المطالبين بإقصاء رؤسائهم في الأجهزة الحكومية والوحدات الإنتاجية المختلفة..الخ.
> إصابة القطاع الصناعي بالشلل سواء بسبب الإضرابات أو بسبب غياب الأمن الذي حال دون وصول العاملين إلى مقار عملهم.
> الظهور المفاجئ لمجموعات من السلفيين خصوصا في القاهرة والإسكندرية، الذين خرجوا في مسيرات خاصة لم تر من قبل طوال أيام الغضب الجماهيري الحاشد. وهذه المسيرات رفعت لافتات مختلفة عن تلك التي توافق عليها المتظاهرون، والتي كانت ذات طابع وطني بالدرجة الأولى. في حين أن لافتات ونداءات تلك المسيرات اتسمت بطابع ديني زايد على الجميع. ولم تكن اللافتات وحدها التي أثارت الانتباه، ولكن توقيت خروج المسيرات واشتباك المشاركين فيها مع فئات المجتمع الأخرى كان بدوره مثيرا للتساؤل والارتياب.
> لاحت بوادر لمحاولة الوقيعة سواء بين الجيش والشرطة أو الجيش والشعب. إذ تناقل كثيرون تعليقات لبعض رجال الشرطة غمزت في دور الجيش وقللت من شأن قدرته على الحفاظ على الأمن.
وقال لي شخص إنه اتصل هاتفيا بأحد أقسام الشرطة شاكيا من أمر اعترضه فرد عليه الضابط الذي تلقى المكالمة قائلا: لماذا لا ترجع إلى الجيش الذي احتميتم به، ثم أضاف: ليته ينفعكم. أما محاولات الوقيعة بين الجيش والشعب فقد تكفل بها نفر من البلطجية الذين تكررت محاولات تحرشهم بالشرطة العسكرية في ميدان التحرير.
> فتحت مقار جهاز أمن الدولة أو تم اقتحامها في توقيت واحد تقريبا، بعد أن قطعت عمليات إحراق وإبادة ما فيها من تقارير وملفات شوطا بعيدا. وتمت استباحة كميات أخرى من التقارير التي أثارت طنينا ولغطا في طول مصر وعرضها. وحين أصبحت تلك التقارير بين أيدي الذين دخلوا إلى المقار في مختلف أنحاء مصر، شغل الناس بسيل الأخبار والأسرار التي تضمنتها مما أشاع درجات مختلفة من البلبلة بينهم.
> أطلت الفتنة الطائفية برأسها، بعد الاعتداء على إحدى الكنائس، وخرج المئات من الأقباط في تظاهرات احتجاجية غاضبة، الأمر الذي تطور إلى اشتباك بين بعضهم وآخرين من المسلمين، وجرى تصعيد الاشتباك إلى ما هو، حيث دمرت سيارات كثيرين وهرب البعض من بيوتهم وأحرقت بيوت آخرين.
هل يمكن أن تكون هذه كلها مصادفات؟ وهل نبالغ إذا ما قلنا إن ثمة أيادي خفية لم تتوقف عن إفساد الإجماع الوطني وتأليب وتحريض فئات المجتمع على بعضها البعض، ومن ثم إشغال الوضع المستجد وإرباكه بما لا يسمح لسلطة الثورة بأن تتقدم في مسيرتها، وبما يشيع البلبلة والترويع والفوضى في البلاد، لإقناع المصريين بأنهم انتقلوا إلى وضع أسوأ، وأن الوضع السابق رغم سوءاته كان أفضل لهم
ـ وهل نبالغ إذا قلنا إن عناصر جهاز أمن الدولة التي تآمرت على المجتمع بأسره في السابق مازالت تواصل تآمرها لإجهاض الثورة؟ وألا يعني ذلك أنه لا يزال في البلد طابور خامس يتربص بنا لا يتوقف عن إشعال الحرائق في ربوع البلاد مستهدفا استنزاف الثورة وإفشالها؟..
ليس هذا بلاغا إلى النائب العام، ولكنه بلاغ إلى عموم أهل مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق