بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة الكرام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نتقدّم بأحرّ التعازي إلى أهالي وأسر الشهداء ، ونترحّم على أرواح الشهداء الأبرار ، شهداء الحرية في سورية الحبيبة ، الذين هم أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر ، ونرجوا من الله العلي القدير أن يعجَل بشفاء الجرحى والمصابين والمكلـومين .
أيها الأخوة الشباب ، يا أبناء جيلي ورفاق طفولتي وفتوتي ، يا شباب الحركة السلمية العفوية ، أيها الشباب الواعي المتفتـّح ، شباب المعلوماتية والفيسبوك والعلوم التقنية الحديثة المتطوّرة ، أنتم الآن قد أثبتم للعالم بأسره ولشعبكم أنكم على قدر من المسؤولية وأنكم أصحاب الإصلاح والتعبير عن الرأي الحرّ ، أنتم مستقبل هذا البلد الطيب ، وأنتم حاضره وفخره ، أنتم مفخرة لشعبنا العربي السوري العظيم .
لقد قمتم اليوم بإنجاز عظيم لم يقدر عليه آباؤكم وأمهاتكم ، فأنتم محلّ اعتزازهم وكبريائهم ، وإنكم بحركتكم السلمية العفوية استطعتم إنجاز الكثير الكثير .
وها أنتم اليوم على وشك تحقيق إنجازات عظيمة ، والحصول على مطالبكم المشروعة التي كفلها الدستور والقانون ، مطالبٌ تأخـّر المسؤولون الفاسدون عن تنفيذها سنوات عديدة فصبرتم عليهم كثيرا ، مطالب مشروعة من مثل إنهاء حالة الطوارئ وإزاحة رؤوس الفساد عن كراسيهم واللذين لم يؤدّوا الأمانات التي أتمنوا عليها وخانوها ، وسيتمّ قريباً إزاحة رأس الفساد ( رئيس الوزراء ) وحكومته الفاشلة ( وزراء و مدراء ) ، وحققتم إنجاز آخر لم يكن آباؤنا يحلمون به ، ألا وهو تعديل المادة الثامنة من الدستور وبذلك تصبح جميع الأحزاب في سورية متساوية الحظوظ والفرص ، وكنتم أيها الشباب تمثـّلون المعارضة الوطنية الداخلية الحقيقية ، التي تتقدّم بمطالبها دون تأثير من الخارج ، تتقدّم بمطالبها مباشرة إلى ولي الأمر دون خوف أو خجل أو تهكـّم ، وهنالك مطالب أخرى كثيرة يمكن تحقيقها من خلال الحوار الشفاف الهادف ، بإتباع وسيلة الإيضاح بمصداقية وعلنية متى نشاء ونرغب ، ويمكن لنا الآن أن نطالب بما نراه يناسب شعبنا ومستقبله المشّرف .
أيها الأخوة الشباب لقد سقط منكم شهداء كرام ، وأريقت الدماء بالخطأ ، في محافظات عدّة وعلى رأسها أرض حوران المباركة ، واستجاب قائد الوطن لكم ولم يتردّد سابقاً في تحقيق مطالبكم المشروعة .
فأنتم والسيد الرئيس بشار الأسد من أبناء جيل واحد ، جيل الشباب الواعي المتوقـّد الذي يشعر بالمسؤولية تجاه الوطن الحبيب والشعب العربي السوري العظيم ، وكما كنا نقول دائماً فاليوم نردد جميعنا مع سيد الوطن جملة واحدة ونقولها كل يوم وكلّ ساعة : " ارفع رأسك لأنك سـوري " . لذلك يجب أن نحافظ على هذه الإنجازات ولا نفرّط بها أبداً ، ولا نهدر كرامتنا وكرامة الوطن، ولا نخرّب بلدنا الحبيب بأيدينا ، فالكثير من الحاسدين والمخرّبين سيفرحون عندما يجدوا سورية الصمود تتهالك ، والحركة ستفشل في الحفاظ على إنجازاتها الكثيرة.
إنّ الكثير من الحاقدين يحاولون أن يشعلوا حرباً ضروساً مدمّرة بين فئات الشعب وقائده ، فيقدّمون كلّ الوسائل والإمكانيات لها ويحرّضون الأخ على أخيه والجار على جاره . وإنّ في سورية الحبيبة الكثيرين ممن يشبهون " أحمد عز " ، المجرم المصري السيئ الذكر ، وأمثاله من المستفيدين من استمرار الوضع على ما هو ، وهم يحاولون إشعال فتيل حرباً أهلية إجرامية بين أطياف الشعب السوري المتعدّدة التي تجعل من سورية زهرة متعدّدة الألوان والريحان ، وهدفهم في ذلك إفشال حركتكم وإحباط مشروعيتكم وتدمير بلدكم .
وكذلك هنالك من هم في الخارج ، وفي دول مجاورة ، بعض المعارضين السوريين الحاقدين والذين يحلمون أن يروا سـورية تغرق في بحيرة من الدماء الشريفة الكريمة ، يرغبون بأن يروا دماء الأخوة مسكوبة على الأرض الطاهرة ، وغريزتهم الحيوانية الإجرامية الغادرة تدفع بهم لاستنشاق رائحة الدم المتخثـّر على الجدران والأسقف ، فتراهم يثيرون الفتنة هنا وهناك ، ويدفعون ببعض الجاهلين والمجهولين لتنفيذ مآربهم وغاياتهم الحاقدة .
صدقوني يا شباب ثورة المعلوماتية والفيسبوك أنّ هذا المخطط مرسوم وصحيح ومؤكـّد ، وقد شاهدته في تظاهرة الزبداني السلمية وسمعت بماذا حدث لتظاهرة بانياس السلمية ، اسألوا ، وتأكدوا بأنفسكم مما أقول وأتحدّث عنه ، من خلال رفاقكم على صفحاتكم الخاصة للفيسبوك وغيره ، لقد أصيب عدد من المتظاهرين الذين كانوا يهتفون بالحرية فقط وأمام أعين رجال الأمن ، وكذلك أصيب عدد من ورجال الأمن فجأة من قبل شاب مجهول لم يتعرّف عليه أحد استخدم السكين لضرب كلّ من أمامه ، وذلك بينما كانت التظاهرة تتفرّق سلمياً من أمام قسم الأمن في ساحة المحطة في الزبداني ، وهرع مسرعاً محاولأ الهرب بعيداً . لقد أراد أن تحدث مجزرة حقيقية بين المواطنين ورجال الأمن .
أيها الأخوة من الشباب الواعي : بعد مراقبتي للأوضاع التي جرت في مدن درعا وحمص واللاذقية وبانياس ودمشق ، وبعد مشاهدتي لما جرى في مدينة الزبداني أصبحت متيقناً أن هنالك من يريد أن يستغل حركة الشباب وتظاهراتهم السلمية المشروعة لتنفيذ مشروع تخريب وحرق وطننا سـورية ، بمدنها وقـراها وتمزيقها وقتل شبابها وشيوخها واغتصاب بناتها ونسائها ، من غير أي تفريق بين طوائفها أو دياناتها أو استهداف جهة لصالح جهة أخرى ، فالكلّ مستهدف الآن .
أيها الشباب الواعي المتفتّح : يا أصحاب ثورة الفيسبوك والمعلوماتية والعلوم الحديثة ، حافظوا على حركتكم السلمية ومكتسباتها ، حافظوا على ما حققتم من نتائج جليلة ، وما سوف تحققون فيما بعد ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، فعليكم بالانتظار عدّة أيام ليتمّ إعلان ما وعد به السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد وإقـراره بشكل نهائي، ومن ثمّ ترون نتائج تحرككم فتكونوا بعدئذ قادرين على تقييم النتائج بشكل صحيح . فالإنجازات والإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ستكون كبيرة وقريبة ، وستكون هذه النتائج مفخرة لكم ولنا وللسيد رئيس الجمهورية ، وستكون في متناول أيديكم عاجلاً . أما ما يتمّ التغاضي عنه من مطالب أو التقصير والترقيع فيه فيمكن أن يتمّ رفعه مباشرة إلى السيد الرئيس والمطالبة بتحقيقه بطرق سلمية ديمقراطية علمية .
لا تتهّورا ولا تستعجلوا ، فإن لكل دولة خصوصية تختلف عن الدول الأخرى ، لذلك يجب أن يكون الأسلوب في التظاهر والتعامل مختلفاً أيضاً ، فلا يجوز التقليد الأعمى ، فـلا يمكن لكم أن تفعلوا مثلما فعل شباب مصر أو تونس ، لأنّ سورية ليست كمصر أو تونس ، ولا يمكن أن تفعلوا مثلما فعل الثوار بليبيا ، لأنّ شعب سورية ليس كمثل شعب ليبيا ، ولا يمكن أن تفعلوا مثل اليمن لأنّ أرض اليمن وطبيعته وطبيعة تركيب شعبه يختلف تماماً عمـّا في سورية ، فـلنا طبيعة أرض وطبيعة شعب وحضارة تختلف تماماً عن الجميع ، يجب أن ندرك هذا تماماً ، لذلك يجب أن تكون حركتكم هذه حركة علمية سلمية مختلفة تماماً عن جميع الثورات السابقة.
احرصوا على إنجازاتكم ونجاحاتكم التي تحققت ، وفكـّروا بما يمكن تحقيقه وبما لا يمكن ، فكروا بالمستقبل وبأنّ الإنجازات يمكن تأتيكم مع الزمن وبالتدرّج والموضوعية ، وليس بالتخريب والتهوّر أو الانخراط بما يدّبره لكم البعض من مكائد .
لقد صبر الشعب العربي السوري سنوات طويلة وحققتم الشيء الكثير بوقت قصير للغاية ، لكن يجب التفكير وبشكل دقيق بالمكاسب التي حصلتم عليها الآن والتفكير بالخسارة التي يمكن أن تحدث فيما لو انتشرت الفوضى بسبب التسرّع والتهوّر .
تعالوا جميعاً نبني وطننا ، بأيدينا ، بفكرنا ، بتحاببنا ، بحريتنا وكرامتنا ، تعالوا نبني سـورية وطن كلّ السوريين الأحرار ، دعونا نضع يدنا بيد السيد الرئيس بشار الأسد لنحقق كلّ مطالبنا المشروعة ونقتلع جذور الفساد والمفسدين من أرض سـورية الحبيبة ، فقراركم في أيديكم يا شباب سورية .
دعونا نتصالح مع أنفسنا ومع الآخرين ، لأنّ يجب علينا أن نكون صالحين أولاً ومصلحين إصلاحيين كي نستطيع أن نقتلع جذور الفاسدين والمفسدين ، فقراركم في أيديكم يا شباب سورية .
دعونا نفكـّر ألف مرّة قبل أن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام ، على أن تكون الخطوة سـليمة وصحيحة .
دعونا نتحاور مع بعضنا ونتشاور مع قائدنا لنصل إلى الطريق السليمة التي يمكن أن تصل بنا إلى جادة الحق والصواب واليقين ، بوركت أيديكم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
م. أحمد راتب التيناوي
عضو المكتب السياسي
لحزب الإصلاح الديمقراطي الوحدوي
في سـورية